كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

والظاهر عندِي أن القاعدة التى يذكرها النحويون، وهي التي مرّت لنا، أنّ إن ليست مُحَصَّلَةً (٧٠)، وأنَّ إن تقع في الموضعين معًا، واللهُ سبحانه وتعالى أعلم وأَحكم، كقوله تعالى: "أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الخَالِدُونَ" (٧١) والآية الاخرى مع الفرض، فيهما نظر.
المسألة الرابعة
ما تقرر، من أنَّ إنْ لا تدخُل على شئٍ إلا كان فيه معنى الاستِقبال يُشكِل بمثل قوله تعالى: {إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا} (٧٢)، وبقوله {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} (٧٣).
فأجاب شهابُ الدين عن هذا بأن تعلق إرادة اللهِ وعِلمِه بالأشياء تسمان: قسم واقع، وقسم مقدّر مفروض.
فالواقع هو أزلي، لا يمكن جعْل شيء منه شرطًا الْبَتَّة، والمقدر هو الذي جُعِل شرْطا. تقديو الكلام، مَتَى فرض عِلْم الله تعالى بأنَّ فيكم خيرًا، أتاكم خيرًا مِمَّا أُخذَ مِنكم، وكذلك المثال الآخَرِ، والفرض والتقدير أمرٌ متوقَّع في المستقبَل ليس أزليًا، فلذلك حسُن التعليق فيه على الشرط. (٧٤)
المسألة الخامسة
إذا قال: إن دخلتِ الدار فأنتِ طالق ثلاثًا، ثم قال لها: أنتِ طالقٍ
---------------
(٧٠) في ع: مخلصة، وفي نسخة ح، محصلة، كما في نسخة أخرى، وتكون صيغتها صيغة اسم مفعول، بمعنى أنها ليست محصَّلة الإِتقان والفهم لمكان استعمالها، وهي تستعمل مع المعلوم المحقق والمشكوك فيه.
(٧١) سورة الانبياء: الآية: ٣٤.
(٧٢) سورة الانفال: الآية: ٧٠.
(٧٣) سورة النساء: الآية: ١٣٣.
(٧٤) علق الشيخ ابن الشاط عل هذه المسألة الرابعة قائلا: تقدَّم أن حروف الشرط تدخل عل غيْر المستقبل، بخلاف سائر ما ذكر مع الشرط (أى من السببب المانع)

الصفحة 86