كتاب ترتيب الفروق واختصارها (اسم الجزء: 1)

هنا حرفُ تَعْليق، فإن إن الشرطية ليست هنا، وانما هي أن النَّاصبةُ بعْدَ حرفِ الاستثناء.
وبَيَانُه أن نقول أولا: الاستثناء من الأحْوال، (٧٨)، والتقديرُ: ولا تقولَن لشيء إني فاعل ذلك غدا في حالةٍ من الحالات إلا معلِّقا بأن يشَاءَ الله، ثم حذفتَ معلّقا والباءَ من أنْ، وهي تُحذف معها كثيرا فيَكونُ النهى المتقدِّمُ مع الَّا المتأخِرة قد حصر (٧٩) القول في هذه الحالة دون سائر الاحوال فتختص، وترْكُ المحرّم واجبٌ، وليس بذلك شيء يترك به الحرامُ إلا هذه الحالُ، فتكون واجبة، فهذا مُدْرَكُ الوجوب.
وأمَّا مُدْرَكُ التَّعْليق، فهوَ .. قوْلِنا. معلَّقا، فإنه يدل على أنه تعلق في تلك الحال، كما إذا قال له: لا تخرُجْ إلا ضاحِكا، فإنه يفيدُ الأمر بالضحك حالةَ الخروج. وانتظمَ معلقا معَ إن بالباءِ المحذوفة، واتَّجَهَ الأمر بالتعليقِ على المشيئة من هذه الصيغة عند الوعد بالافعال (٨٠).
"فرع"
من هذا التقدير: لو قال: علَّقت طلاقَكِ على دخول الدارِ طُلِّقتْ بدخول الدار، بمنزلة ما إذا قال: أنتِ طالق إن دخلت الدار. ولو قال لها: جعلتُ دخول الدار سببًا لطلاقك لم تطلق بدخول الدار، إلا أن يُريدَ بالجعْل االتعليقَ، وهذا مِن حيثُ إن الشرع خَوَّلَ لَهُ التعليق، لَا نَصْبَ الأسْبَابِ.
---------------
(٧٨) عبارة القرافي هنا أوضح حيث قال: "والجواب أن تقول: هذا استثناء من الاحوال، والمستثنى منه حالة من الأحوال، وهي محذوفة قبل أن الناصبة وعاملة في الخ .. إلى آخر ما عند القرافي وذكره البقوري.
وقد علق الشيخ ابن الشاط على هذه المسألة بقوله: ما قاله القرافي فيها من لزوم تقدير محذوف، به يصح المعنى المراد، صحيح، وما قاله في الفرع كذلك. اهـ.
(٧٩) في نسخة ع: حصرت بتاء التأنيث والصواب حذفها.
(٨٠) زاد القرافي هنا قوله: "فافهم ذلك فإنه من المواضع العسيرة الفهم والتقدير)

الصفحة 88