كتاب فصل المقال في شرح كتاب الأمثال

قال أبو عبيد: وقال أكثم بن صيفي " المكثار كحاطب الليل " قال: وإنما سبهه بحاطب الليل، لأنه ربما نهشته الحية أو لسعته (1) العقرب في احتطابه ليلاً، قال: فكذلك (2) هذا المهذار، ربما أصاب في إكثاره بعض ما يكره.
(3) المحبة " وقال غيره من العلماء " الندم على السكوت خير من الندم على القول ". وقال الثاث " عي صامت خير من عي ناطق ". وقال بعض أشياخنا (4) : كان ربيعة الرأي (5) مكثاراً فسمعه أعرابي يوماً يتكلم، فلما كان عند انقضاء مجلسه، سأله رجل: ما تعدون العي بالبادية؟ فقال الأعرابي: ما هذا فيه منذ اليوم، يعني إكثاراً ربيعة>.
ع: كان حكم هذا المثل (6) على تفسيره هذا أن يضعه في الباب الذي يقبل هذا وهو " باب حفظ اللسان لما يخاف على أهله من عقوبات الدنيا " لأن هذا المكثر يصيبه في إكثاره ما يكره، كما أن المحتطب ليلاً ربما أصابه من هذه الهوام حمامه أو ألم.
وقال الفرزدق فبين معناه (7) :
وإن امرءاً يغتابني لم أطا له ... حريماً ولا تنهاه عني أقاربه
كمحتطب ليلاً أساود هضبة ... أتاه بها في ظلمة الليل حاطبه
__________
(1) ط: لسبته.
(2) س ط: وكذلك.
(3) في ف: يكسب أهله.
(4) وردت هذه القصة في العقد 3: 418.
(5) في هامش ف: ربيعة الرأي هو شيخ مالك بن أنس وكنيته أبو عثمان وتوفي سنة ست وثلاثين ومائة.
(6) يعني " المكثار كحاطب الليل ".
(7) ديوان الفرزدق: 74 والخزانة 2: 388 والقصيدة في هجاء عمرو بن عفراء الضبي.

الصفحة 29