كتاب فصل المقال في شرح كتاب الأمثال

ومثله قول أبي الدرداء الأنصاري " من لك يوماً بأخيك كله " (1) وكذلك قولهم " أي الرجال المهذب "؟ ومنه قول النابغة الذبياني (2) :
ولست بمستبق أخاً لا تلمه ... على شعثٍ، أي الرجال المهذب؟ قال أبو عبيد: معاني هذه الأمثال كلها أنه ليس أحد يخلو من عيب يكون فيه، فإذا كان الغالب على الرجل الإحسان اغتفرت سقطته، ومنه الحديث....>
ع: أول من نطق بهذا المثل حبي بنت مالك بن عمرو العدوانية، وكانت جميلة، خطبها بعض ملوك غسان إلى أبيها وحكمه في مهرها، فأنكحه إياها، فلما أراد حملها قالت أمها لنسوتها: إن لها عند الملامسة رشحة لها قنمة (3) فإذا أردتن إدخالهات على زوجها فامسحن أعطافها بما في أصدافها، فلما أردن ذلك أعجلهن زوجها عن تطييبها، فافتضها فوجد لها رويحة. فلما أصبح قال له أصحابه: كيف وجدت طروقتك؟ (4) فقال: لم أر كالليلة (5) ، لولا رويحة أنكرتها، فسمعت قوله من خلف الستر فقالت: " لن تعدم الحسناء ذاماً " فأرسلتها مثلاً. وقال الشاعر في معنى هذا المثل ولفظه (6) :
__________
(1) ف: من لك بأخيك كله.
(2) ديوان النابغة: 57.
(3) غير واضحة في ص ح؛ وفي ط: لها هنة؛ س: قنحة؛ والقنمة: خبث ريح الادهان والزيت.
(4) ص: صورفتك. والطروقة: الناقة يطرقها الفحل، قال الزمخشري: ويقال للمتزوج: كيف طروقتك؟
(5) ط: لم أر كالفعلة.
(6) انظرهما في محاضرات الراغب 1: 124 ونهاية الأرب: 3 ونظام الغريب: 71 وجاء البيت الأول في جامع بيان العلم 2: 162 منسوباً لأبي الأسود وهما في شرح شواهد المغني: 194 من قصيدة طويلة لأبي الأسود، وانظر ديوانه: 54.

الصفحة 44