كتاب المحرر في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل (اسم الجزء: 1)
ومن نوى الإقامة في بلد مدة عشرين صلاة قصر إلا أن يتزوج فيه أو يكون له فيه زوجة أو يكون بلد إقامته وإن نوى مدة إحدى وعشرين.
_____________________________________________________
آخره وسواء صلاها في وقتها أو بعد خروجه وعنه إن صلاها في السفر في وقتها جاز لها قصرها وإن لم يصلها حتى خرج وقتها لزمه إتمامها واختارها ابن أبي موسى فمتى لم يبق من الوقت ما يتسع لفعل جميعها أربع ركعات لم يجز له القصر قولا واحدا وهو معنى قول القاضي في الخصال لا يكون قاضيا لها ولا لبعضها وكذا إذا سافر بعد ما بقى من وقتها ما يتسع لفعل جميعها لم يجز له القصر انتهى كلامه.
وأما اعتبار هذه المسألة بالسفر المحرم فيه نظر ظاهر لأن السفر المحرم سبب للترخص ولا تباح الرخص بالأسباب المحرمة لما فيه من الإعانة على فعل المحرم وأما هنا فليس تأخيره المحرم سببا لرخصة القصر حتى يقال يلزم من القول به ثبوت الرخصة مع تحريم سببها وأكثر ما فيه أنه أتى بها على وجه محرم وهذا لا يمنع رخصة القصر التي وجد سببها كما لو أتى بها بغير أذان ولا إقامة أو منفردا مع قدرته على الجماعة أو غير ذلك من الأمور المحرمة.
قوله: "ومن نوى الإقامة في بلد".
يعني يشترط في الإقامة التي تقطع السفر إذا نواها الإمكان بأن يكون موضع لبث وقرار في العادة فعلى هذا لو نوى الإقامة بموضع لا يمكن لم يضر لأن المانع نية الإقامة في بلده ولم توجد وقال الشيخ وجيه الدين من أصحابنا في شرح الهداية فإن كان لا تتصور الإقامة فيها أصلا كالمفازة ففيه وجهان أحدهما لا يقصر لأنه نوى الإقامة وتعرض للهلاك بقطع السفر والثاني يقصر لأنه لا يمكنه الوفاء بهذه النية للتعذر فلغت وبقي حكم السفر الأول مستداما