كتاب خريدة القصر وجريدة العصر - قسم شعراء العراق جـ 1

ولما توفي الوزير ابن هبيرة، أُعتقِلتُ في الديوان ببغداد، بسبب منابتي عنه في واسط والبصرة، فمدحت الخليفة بقصيدة أستعطفته بها في شعبان سنة ستين، منها:
أُعيذُكمُ أن تغفلوا عن أموره ... وأن تتركوه نُهبةً لمُغيرهٍ
عفا الله عنكم قد عفا رَسمُ وُدِّكم ... خلعتم على عهدي دِثار دُثورهِ
بما بيننا يا صاحبي من مودّة ... وفاءَك إني قانعٌ بيسيرهِ
وهذا أوان النصح إن كنت ناصحاً ... أخاً فقبيح تركهُ بغرورهِ
وإني أرى الأرْيَ المَشور مَشورةً ... حَلَتْ موقعاً عند امرئٍ من مُشيرهِ
تحملتُ عِبءَ الوَجد غير مُطيقهِ ... وعَلّمتُ صبر القلب غيرَ صَبورهِ
صِلوا مَن قضى من وحشة البَينِ نحبه ... ونَشرُ مطاوي أُنسه في نُشوره
رعى الله نجداً إذ شكرنا بقربكم ... قِصارَ ليالي العيش بين قصورهِ
وإذْ راقت الأبصار حُسنى حسانه ... وأطْرَبتِ الأسماع نجوى سَميرهِ
وإذ بُكرات الروض ألسنةُ الصَّبا ... تعبِّر في أنفاسها عن عبيرهِ
وإذ تكتب الأنداء في شجراته ... وأوراقها إملاءَ وُرقِ طيورهِ

الصفحة 56