كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش - ت: مشهور

[50] وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْحَضْرَمِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ تَاجِرًا ، فَكَانَ يَنْقُصُ مَرَّةً ، وَيَزِيدُ مَرَّةً أُخْرَى ، فَقَالَ : مَا لِي فِي هَذِهِ التِّجَارَةِ مِنْ خَيْرٍ ، لَأَلْتَمِسُ تِجَارَةً لَا نُقْصَانُ فِيهَا ، فَأَتَى صَوْمَعَةً ، فَتَرَهَّبَ فِيهَا ، فَكَانَ اسْمَهُ جُرَيْجٌ ، فَكَانَ يُرِيحُ إِلَى صَوْمَعَتِهِ رَاعِي ضَأْنٍ ، وَرَاعِيَةُ مِعْزَى قَالَ : وَإِنَّ أُمَّ جُرَيْجٍ أَتَتْهُ يَوْمًا ، فَصَرَخَتْ ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ، فَقَالَتْ : جُرَيْجُ ، فَقَالَ جُرَيْجٌ : أُمِّي وَالصَّلَاةَ ، ثُمَّ قَالَتْ : جُرَيْجُ ، فَلَمْ يُجِبْهَا ، فَقَالَ : أُمِّي وَالصَّلَاةَ قَالَ : فَذَهَبَتْ ، ثُمَّ أَتَتْهُ يَوْمًا آخَرَ ، فَقَالَتْ : جُرَيْجُ ، فَقَالَ : أُمِّي وَالصَّلَاةَ ، فَلَمْ يُجِبْهَا ، فَقَالَ : أُمِّي وَالصَّلَاةَ . قَالَ : فَذَهَبَتْ أُمُّهُ ، وَقَالَتِ : اللَّهُمَّ لَا تُمِتْ جُرَيْجًا حَتَّى يَنْظُرَ فِي وُجُوهِ الْمَيَامِيسِ قَالَ : وَوَقَعَ صَاحِبُ الضَّأْنِ عَلَى صَاحِبَةِ الْمِعْزَى ، فَأَحْبَلَهَا ، فَقِيلَ لَهَا حِينَ وَلَدَتْ : وَيْحَكِ ، مِمَّنْ وَلَدْتِ ؟ فَقَالَتْ : مِنْ جُرَيْجٍ قَالَ : فَذَهَبُوا إِلَى الْمَلِكِ ، فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : أَنْزِلُوهُ ، وَائْتُونِي بِهِ ، وَكَسَّرُوا صَوْمَعَتَهُ ، فَأَنْزَلُوهُ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ يَا جُرَيْجُ كُنَّا نَرَاكَ خَيْرَ النَّاسِ ، فَاحْتَبَلْتَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ ، اذْهَبُوا بِهِ ، وَاصْلُبُوهُ . قَالَ : فَخَرَجَ إِلَى النَّاسِ ، وَخَرَجَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى أُنْشِئَ ، وَبَرَزَ قَالَ : أَرَأَيْتُمْ هَذَا الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّهُ ابْنِي ، أَرُونِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ قَالَ : فَأُتِيَ بِالْمَرْأَةِ ، وَالصَّبِيِّ ، فَمُهُ فِي ثَدْيِهَا ، فَقَالَ جُرَيْجٌ : يَا غُلَامُ ، مَنْ أَبُوكَ ؟ فَقَالَ الْغُلَامُ ، وَنَزَعَ فَمَهُ مِنَ الثَّدْيِ : أَبِي رَاعِي الضَّأْنِ قَالَ : فَسَبَّحَ النَّاسُ ، وَعَجَبُوا ، قَالَ : فَضَحِكَ ، فَذَهَبُوا إِلَى الْمَلِكِ ، فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : رُدُّوهُ ، فَأُتِيَ بِهِ ، فَقَالَ : يَا جُرَيْجَ ، فَلْنَصْنَعْهَا لَكَ كَيْفَ شِئْتَ ، وَاللَّهِ لَئِنْ شِئْتَ لَنَبْنِيهَا لَكَ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، قَالَ : بَلْ رُدُّوهَا كَمَا كَانَتْ . قَالَ : فَرَدُّوهَا ، وَرَجَعَ فِي صَوْمَعَتِهِ ، فَقَالَ لَهُ : بِاللَّهِ ، مِمَّ ضَحِكْتَ ؟ قَالَ : مَا ضَحِكْتُ إِلَّا مِنْ دَعْوَةٍ دَعَتْهَا أُمِّي عَلَيَّ " *

الصفحة 105