كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش - ت: مشهور
وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ
[52] أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْكَرَابِيسِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَمْرَوَيْهِ ، بِهَرَاةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ إِدْرِيسَ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي الْمَهْدِ إِلَّا ثَلَاثَةٌ : عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَصَاحِبُ جُرَيْجٍ ، وَكَانَ جُرَيْجٌ رَجُلًا عَابِدًا ، اتَّخَذَ صَوْمَعَةً ، فَكَانَ فِيهَا ، فَأَتَتْهُ أُمُّهُ ، وَهُوَ يُصَلِّي ، فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ ، فَانْصَرَفَتْ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ وَهُوَ يُصَلِّي ، فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ ، فَانْصَرَفَتْ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَتْهُ ، وَهُوَ يُصَلِّي ، فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَأَقْبَلَ عَلَى صَلَاتِهِ ، فَقَالَتِ : اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ ، فَتَذَاكَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جُرَيْجًا وَعِبَادَتِهِ ، وَكَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيٌّ يُتَمَثَّلُ بِحُسْنِهَا ، فَقَالَتْ : إِنْ شِئْتُمْ لَأَفْتِنَنَّهُ ، قَالَ : فَتَعَرَّضَتْ لَهُ ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا ، فَأَتَتْ رَاعِيًا كَانَ يَأْوِي إِلَى صَوْمَعَتِهِ ، فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا ، فَحَمَلَتْ ، فَلَمَّا وَلَدَتْ قَالَتْ : هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ ، فَأَتَوْهُ ، فَاسْتَنْزَلُوهُ ، وَهَدَمُوا صَوْمَعَتَهُ ، وَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ , قَالَ : مَا شَأْنُكُمْ ؟ قَالُوا : زَنَيْتَ بِهَذِهِ الْبَغِيِّ فَوَلَدَتْ مِنْكَ غُلَامًا ، قَالَ : أَيْنَ الصَّبِيُّ ؟ فَجَاءُوا بِهِ قَالَ : دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَتَى الصَّبِيَّ ، فَطَعَنَ فِي بَطْنِهِ ، وَقَالَ : بِاللَّهِ يَا غُلَامُ ، مَنْ أَبُوكَ ؟ قَالَ : فُلَانٌ الرَّاعِي ، قَالَ : فَأَقْبَلُوا عَلَى جُرَيْجٍ يُقَبِّلُونَهُ وَيَتَمَسَّحُونَ بِهِ ، وَقَالُوا : نَبْنِي لَكَ صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ قَالَ : لَا ، أَعِيدُوهَا كَمَا كَانَتْ ، فَفَعَلُوا وَبَيْنَمَا صَبِيُّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ ، فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ ، وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ ، فَقَالَتْ أُمُّهُ : اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا ، فَتَرَكَ الثَّدْيَ ، فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهِ ، فَجَعَلَ يَرْضَعُ " . قَالَ : فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ يَحْكِي ارْتِضَاعَهُ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ ، أَدْخَلَهَا فِي فِيهِ ، فَجَعَلَ يَمُصُّهَا قَالَ : " فَمَرَّ بِجَارِيَةٍ ، وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا ، وَيَقُولُونَ : زَنَيْتِ وَسَرَقْتِ ، وَهِيَ تَقُولُ : حَسْبِي اللَّهَ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . قَالَ : فَقَالَتْ أُمُّهُ : اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا ، فَتَرَكَ الرَّضَاعَ ، وَنَظَرَ إِلَيْهَا ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا ، وَهُنَالِكَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ ، فَقَالَتْ : خَالَفْتَنِي مِنْ رَجُلٍ حَسَنِ الشَّارَةِ ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذَا ، فَقُلْتَ : اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ ، فَمَرَرْنَا بِهَذِهِ ، وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا ، وَيَقُولُونَ : سَرَقَتْ ، زَنَيَتْ ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هَذِا ، فَقُلْتَ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا ، قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّارًا ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ ، وَإِنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ لَهَا : زَنَيْتِ وَلَمْ تَزْنِ ، وَسَرَقْتِ وَلَمْ تَسْرِقْ ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا " *
الصفحة 109