كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش - ت: مشهور

[57] أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، أَنْبَأَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، وَهُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزِيدُ عَلَى صَاحِبِهِ ، فَذَكَرْنَاهُ عَلَى أَتَمِّهِ ، أَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ الْمُغِيرَةِ حَدَّثَهُمْ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " كَانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَتِهِ ، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ ، فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ ، أَنَا أُكَلِّمُكَ ، كَلِّمنِي . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : جَعَلَ يَصِفُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِفَتَها حَتَّى قَالَتْ : هَكَذَا ، وَوَصَفَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى جَبِينِهِ . هَذِهِ رِوَايَةُ هُدْبَةَ ، وَأَمَّا شَيْبَانُ ، فَقَالَ فِي حَدِيثٍ وَصَفَهُ لَنَا أَبُو رَافِعٍ صِفَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ ، يَصِفُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهُ حِينَ دَعَتْهُ ، كَيْفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا ، ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا تَدْعُوهُ ، فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ ، أَنَا أُمُّكَ ، فَكَلِّمْنِي ، فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّي ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ ، فَرَجَعَتْ ، ثُمَّ عَادَتِ الثَّانِيَةَ ، فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ ، أَنَا أُمُّكَ ، فَكَلِّمْنِي ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ ، زَادَ هُدْبَةُ : فَرَجَعَتْ ، ثُمَّ جَاءَتِ الثَّالِثَةَ ، فَقَالَتْ : يَا جُرَيْجُ ، أَنَا أُمُّكَ ، فَكَلِّمْنِي ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلَاتِي ، فَاخْتَارَ صَلَاتَهُ ، إِلَى هَاهُنَا زِيَادَةُ هُدْبَةَ . فَقَالَتِ : اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا جُرَيْجٌ ، وَهُوَ ابْنِي ، وَإِنِّي كَلَّمْتُهُ ، فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِي ، اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ قَالَ : وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ فُتِنَ قَالَ : وَكَانَ رَاعِي ضَأْنٍ يَأْوِي إِلَى دَيْرِهِ ذَلِكَ قَالَ : فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْقَرْيَةِ ، فَوَقَعَ عَلَيْهَا الرَّاعِي ، فَحَمَلَتْ ، فَوَلَدَتْ غُلَامًا ، فَقِيلَ لَهَا : مَا هَذَا ؟ قَالَ : مِنْ صَاحِبِ هَذَا الدَّيْرِ ، فَجَاءُوا بِفُؤُوسِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ ، فَنَادَوْهُ ، فَصَادَفُوهُ يُصَلِّي ، فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ ، فَأَخَذُوا يَهْدِمُونَ دَيْرَهُ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَزَلَ إِلَيْهِمْ ، فَقَالُوا : تَفْعَلُ وَتَفْعَلُ . فِي رِوَايَةِ هُدْبَةَ . وَأَمَّا شَيْبَانُ ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ : فَقَالُوا لَهُ : سَلْ هَذِهِ ، فَتَبَسَّمَ ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَ الصَّبِيِّ ، فَقَالَ : مَنْ أَبُوكَ ؟ قَالَ : فُلَانٌ ، رَاعِي الضَّأْنِ ، فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ ، وَرَأَوْا مِنْهُ مَا رَأَوْا ، قَالُوا : نَحْنُ نَبْنِي لَكَ مَا هَدَمْنَا مِنْ دَيْرِكَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَالَ : لَا ، وَلَكِنْ أَعِيدُوهُ تُرَابًا كَمَا كَانَ " زَادَ شَيْبَانُ فِي حَدِيثٍ : " ثُمَّ عَلَّاهُ " *

الصفحة 117