كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش - ت: مشهور
ذِكْرُ بَيَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مُوسَى كَانَ يَنْظُرُ فِي عَجَائِبِ الْبَحْرِ
[60] أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ النَّهَاوَنْدِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ يَحْيَى الرَّازِيُّ ، أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُطِيعٍ السُّلَمِيُّ الرَّازِيُّ ، حَدَّثَنَا الْعَلَاءُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " خَرَجَ مُوسَى نَجِيُّ اللَّهِ إِلَى الْبَحْرِ ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ فِي عَجَائِبِ الْبَحْرِ ، فَإِذَا هُوَ بِصَيَّادٍ مُشْرِكٍ مَجُوسِيٍّ خَبِيثٍ ، أَشْرَكَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَكَفَرَ بِهِ ، فَأَلْقَى شَبَكَتَهُ ، فَطَبَعَهَا سَمَكًا ، ثُمَّ أَلْقَاهَا الثَّانِيَةَ فَطَبَعَهَا سَمَكًا حَتَّى مَلَأَ سَفِينَتَهُ ، ثُمَّ وَلَّى وَأَشْرَكَ ، ثُمَّ جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ شَيْخٌ كَبِيرٌ مُسْلِمٌ وَرِعٌ ، فَأَلْقَى الشَّبَكَةَ فَلَا شَيْءَ ، ثُمَّ أَلْقَى الثَّانِيَةَ وَدَعَا ، فَلَا شَيْءَ ، ثُمَّ أَلْقَى الثَّالِثَةَ ، وَأَمْسَى قَالَ : يَا رَبِّ ، عِيَالِي وَحَاجَتَنَا . قَالَ : فَإِذَا هُو بِسَمَكِةٍ قَدْ وَقَعَتْ فِي الشَّبَكَةِ قَالَ : وَمُوسَى يَنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَشَكَرَهُ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَقَالَ : هَذَا يُبَلِّغُ عِيَالَنَا اللَّيْلَةَ ، وَانْصَرَفَ حَامِدًا لِلَّهِ شَاكِرًا . قَالَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا رَبِّ ، عَبْدٌ جَاءَكَ أَشْرَكَ بِكَ ، وَكَفَرَ بِكَ ، وَجَعَلَ لَكَ شُرَكَاءَ ، بَسَطْتَ لَهُ رِزْقَكَ ، وَأَوْسَعْتَ عَلَيْهِ ، وَأَعْطَيْتَهُ ، وَجَاءَكَ عَبْدُكَ الْمُؤْمِنُ رَاضِيًا بِكَ ، فَقَتَرْتَ عَلَيْهِ ، وَبَسَطْتَ لِهَذَا الْمُشْرِكِ ، وَيَأْكُلُ رِزْقَكَ ، وَيَمْشِي فِي أَرْضِكَ ، وَيَعْبُدُ غَيْرَكَ ؟ قَالَ : يَا مُوسَى ، إِنَّ لِي دَارَيْنِ ، فَانْظُرْ إِلَيْهِمَا قَالَ : فَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ ، وَقَالَ : انْظُرْ دَارِي هَذِهِ جَعَلْتُهَا لِأَوْلِيَائِي ، وَأَهْلِ طَاعَتِي ، وَأَهْلِ الصَّبْرِ ، ثُمَّ قَالَ : انْظُرْ إِلَى دَارِي الْأُخْرَى ، فَأَخْرَجَ جَهَنَّمَ ، فَزَفَرَتْ ، فَاسْتَجَارَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْهَا بِرَبِّهِ ، وَقَالَ : يَا مُوسَى ، مَا ضَرَّ عَبْدِي أَيَّامًا مَعْدُودَةً ، قَتَّرْتُ عَلَيْهِ مَعِيشَتَهُ ، فَصَبَرَ ، وَرَضِيَ بِمَا رَضِيتُ لَهُ ، قَدِمَ عَلَيَّ ، وَأَنَا عَنْهُ رَاضٍ ، فَأَسْكَنْتُهُ دَارِي ، مَا ضَرَّ مَا كَانَ فِيهِ بِالْأَمْسِ ، وَبَسَطْتُ لِعَبْدِي هَذَا الَّذِي أَشْرَكَ بِي فِي رِزْقِي ، وَيَمْشِي فِي أَرْضِي ، أَسْكَنْتُهُ دَارِي هَذِهِ الْأُخْرَى ، مَا نَفَعَهُ مَا كَانَ فِيهِ بِالْأَمْسِ ، ثُمَّ قَالَ : وَلِّ وَجْهَكَ يَا مُوسَى ، فَوَلَّى وَجْهَهُ ، قَالَ : انْظُرْ إِلَيْهِمَا ، الْآنَ حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ قَالَ : دَخَلُوهَا وَعِزَّتِكَ " *
الصفحة 121