كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش - ت: مشهور

[63] أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حِمْشَاذَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو الزَّوْزَنِيُّ ، حَدَّثَنَا جَدِّي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ شُكْرٍ الْهَرَوِيُّ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَغْدَادِيُّ ، حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، أَخْبَرَنِي حَفْصُ بْنُ عُمَرَ بْنِ النُّعْمَانِ الْمُحَارِبِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، سَمِعْتُ جَبَلَ بْنَ دِهْقَانَ ، وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَضَ لَهُ أَلْفَيْنِ فِي عِدَّةٍ مِنَ الدَّهَاقِينَ قَالَ : " كَانَ بِبَابِلَ سَبْعُ مَدَائِنَ ، فِي كُلِّ مَدِينَةٍ أُعْجُوبَةٌ ، لَيْسَتْ فِي الْأُخْرَى : فَكَانَتْ فِي الْمَدِينَةِ الَّتِي فِيهَا مَلِكُهَا ، وَهِيَ الْأُولَى ، تِمْثَالُ الْأَرْضِ جَمِيعًا ، فَإِنِ الْتَوَى عَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ بِخَرَاجِهِمْ ، خَرَقَ أَنْهَارَهُمْ عَلَيْهِمْ فِي التِّمْثَالِ ، فَغَرِقَتْ حَيْثُ كَانَتْ ، فَلَا يَسْتَطِيعُونَ سَدًّا حَتَّى يُؤَدُّوا خَرَاجَهُمْ ، فَإِذَا سَدَّهَا عَلَيْهِمْ فِي تِمْثَالِهِمِ انْسَدَّتْ عَلَيْهِمْ فِي بِلَادِهِمْ ، وَفِي الْمَدِينَةِ الثَّانِيَةِ حَوْضٌ ، فَإِذَا أَرَادَ الْمَلِكُ أَنْ يَجْمَعَهُمْ لِطَعَامِهِ ، آتَى مَنْ أَحَبَّ مِنْهُمْ بِمَا أَحَبَّ مِنَ الْأَشْرِبَةِ ، فَصَبَّ فِي ذَلِكَ الْحَوْضِ ، فَاخْتَلَطَ جَمِيعًا ، ثُمَّ يَقُومُ السُّقَاةُ ، فَيَأْخُذُونَ الْآنِيَةَ ، فَمَنْ صَبَّ فِي إِنَائِهِ شَيْئًا صَارَ شَارِبَهُ الَّذِي جَاءَ بِهِ ، وَفِي الْمَدِينَةِ الثَّالِثَةِ طَبْلٌ ، إِذَا غَابَ مِنْ أَهْلِهَا غَائِبٌ ، فَأَرَادُوا أَنْ يَعْلَمُوا أَحَيُّ هُوَ أَمْ مَيِّتٌ ، ضَرَبُوا الطَّبْلَ ، فَإِنْ كَانَ حَيًّا ، سَمِعُوا صَوْتَ الطَّبْلِ ، وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا لَمْ يَسْمَعُوا لَهُ صَوْتًا ، وَفِي الْمَدِينَةِ الرَّابِعَةِ مِرْآةٌ مِنْ حَدِيدٍ ، إِذَا غَابَ الرَّجُلُ عَنْ أَهْلِهِ ، فَأَحَبُّوا أَنْ يَعْلَمُوا حَالَتَهُ أَتَوُا الْمِرْآةَ ، فَنَظَرُوا فِيهَا ، فَأَبْصَرُوهُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا ، وَفِي الْمَدِينَةِ الْخَامِسَةِ وِزَّةٌ مِنْ نُحَاسٍ ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَدِينَةَ غَرِيبٌ صَوَّتَتِ الْوِزَّةُ صَوْتًا يَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ، فَيَقُولُونَ : قَدْ دَخَلَ الْمَدِينَةَ غَرِيبٌ ، وَفِي الْمَدِينَةِ السَّادِسَةِ قَاضِيَانِ جَالِسَانِ عَلَى الْمَاءِ ، فَيَجِيءُ الْمُحِقُّ وَالْمُبْطِلُ ، فَيَمْشِي الْمُحِقُّ عَلَى الْمَاءِ حَتَّى يَجْلِسَ مَعَ الْقَاضِي ، وَيَرْتَمِسُ الْمُبْطِلُ ، وَفِي الْمَدِينَةِ السَّابِعَةِ شَجَرَةٌ ضَخْمَةٌ ، لَا تُظِلُّ إِلَّا سَاقَهَا ، فَإِنْ جَلَسَ تَحْتَهَا رَجُلٌ وَاحِدٌ أَظَلَّتْ إِلَى أَلْفِ رَجُلٍ ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الْأَلْفِ رَجُلٌ وَاحِدٌ جَلَسُوا كُلُّهُمْ فِي الشَّمْسِ " *

الصفحة 131