كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش - ت: مشهور
حَدِيثُ كِسْرَى
[74] أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمُودِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ح وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَامِدِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْفَقِيهُ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْبَزَّارُ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ النُّعْمَانِ الْبَجَلِيُّ ، حَدَّثَنَا مَخْزُومُ بْنُ هَانِئٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَكَانَ لَهُ عِشْرُونَ وَمِئَةُ سَنَةٍ قَالَ : " لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ارْتَجَسَ إِيوَانُ كِسْرَى ، فَسَقَطَتْ مِنْهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً ، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسٍ ، وَلَمْ تَخْمَدْ قَبْلَ ذَلِكَ بِأَلْفِ سَنَةٍ ، وَرَأَى الْمُوبَذَانُ كَأَنَّ إِبِلًا صِعَابًا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا ، حَتَّى عَبَرَتْ دِجْلَةَ ، وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ فَارِسٍ قَالَ : فَمَا تَرَى ذَلِكَ ؟ فَتَجَلَّدَ كِسْرَى ، وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرِ مُلْكِهِ ، وَلَبِسَ تَاجَهُ ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْمُوبَذَانِ ، فَقَالَ : يَا مُوبَذَانُ ، إِنَّهُ سَقَطَ مِنْ إِيوَانِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ شُرْفَةً ، وَخَمَدَتْ نَارُ فَارِسٍ ، وَلَمْ تَخْمَدْ قَبْلَ الْيَوْمِ بِأَلْفِ عَامٍ ، فَقَالَ : وَأَنَا أَيُّهَا الْمَلِكُ ، قَدْ رَأَيْتُ كأن إِبِلًا صِعَابًا تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا حَتَّى عَبَرَتْ دِجْلَةَ ، وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ فَارِسٍ قَالَ : فَمَا تَرَى يَا مُوبَذَانُ ؟ وَكَانَ رَأْسُهُمْ فِي الْعِلْمِ قَالَ : حَدْثٌ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ الْعَرَبِ ، فَكَتَبَ حِينَئِذٍ : مِنْ كِسْرَى مَلَكِ الْمُلُوكِ ، إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ : أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ يُخْبِرْنِي بِمَا أَسْأَلُهُ عَنْهُ . فَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدَ الْمَسِيحِ بْنَ حَيَّانَ بْنِ بُقَيْلَةَ ، فَقَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ ، هَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ مِمَّا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلُكَ عَنْهُ ؟ قَالَ : يَسْأَلُنِي الْمَلِكُ ، فَإِنْ كَانَ عِنْدِي مِنْهُ عِلْمٌ أَعْلَمْتَهُ ، وَإِلَّا فَأَعْلَمْتُهُ بِمَنْ عِلْمُهُ عِنْدَهُ ، فَيُخْبِرُكَ بِهِ . فَأَخْبَرَهُ بِهِ ، فَقَالَ : عِلْمُهُ عِنْدَ خَالٍ لِي يَسْكُنُ مَشَارِفَ الشَّامِ ، يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ ، قَالَ : فَاذْهَبْ إِلَيْهِ ، وَسَلْهُ ، فَأَخْبِرْنِي بِمَا يُخْبِرُكَ بِهِ ، فَخَرَجَ عَبْدُ الْمَسِيحِ ، حَتَّى قَدِمَ عَلَى سَطِيحٍ ، وَهُوَ مُشْرِفٌ عَلَى الْمَوْتِ . قَالَ : فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَحَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الْمَلِكِ ، فَلَمْ يُجِبْهُ سَطِيحٌ ، فَأَقْبَلَ يَقُولُ :
أَصَمٌّ أَمْ يَسْمَعُ غِطْرِيفُ الْيَمَنْ أَمْ فَازَ فَازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ الْعَنَنْ
يَا فَاصِلَ الْخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ وَمَنْ أَتَاكَ شَيْخُ الْحَيِّ مِنْ آلِ سَنَنْ
وَأُمُّهُ مِنْ آلِ ذِئْبِ بْنِ حَجَنْ تَحْمِلُنِي وَجْنًا وَتَهْوِي بِي وَجَنْ
حَتَّى أَتَى عَارِي الْجَآجِي وَالْقَطَنْ أَزْرَقُ مُمْهِي النَّابِ صَرَّارُ الْأُذُنْ قَالَ : فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَيْهِ ، وَقَالَ : عَبْدُ الْمَسِيحِ يَهْوِي إِلَى سَطِيحٍ وَقَدْ أَوْفَى عَلَى الضَّرِيحِ ، بَعَثَكَ مَلِكُ بَنِي سَاسَانَ ، لِارْتِجَاسِ الْإِيوَانِ ، وَخُمُودِ النِّيرَانِ ، وَرُؤْيَا الْمُوبَذَانِ ، رَأَى إِبِلًا صِعَابًا ، تَقُودُ خَيْلًا عِرَابًا ، قَدْ قَطَعَتْ دِجْلَةَ ، وَانْتَشَرَتْ فِي بِلَادِ فَارِسٍ ، يَا عَبْدَ الْمَسِيحِ ، إِذَا ظَهَرَتِ التِّلَاوَةْ ، وَغَارَتْ بُحَيْرَةُ سَاوَةْ ، وَفَاضَ وَادِي السَّمَاوَةْ ، وَخَرَجَ صَاحِبُ الْهِرَاوَةِ ، فَلَيْستَ الشَّامُ بِالشَّامِ ، يَمْلِكُ مِنْهُمْ مُلُوكٌ وَمَلِكَاتٌ ، عَلَى عَدَدِ الشُّرُفَاتِ ، وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ ، ثُمَّ مَاتَ ، فَقَامَ عَبْدُ الْمَسِيحِ ، وَهُوَ يَقُولُ :
شَمِّرْ فَإِنَّكَ مَاضِي الدَّهْرِ شِمِّيرُ لَا يُفْزِعَنَّكَ تَشْرِيدٌ وَتَغْرِيرُ
فَرُبَّمَا كَانَ قَدْ أَضْحَوْا بِمَنْزِلَةٍ يَهَابُ صَوْلَهُمُ الْأُسْدُ الْمَهَاصِيرُ
مِنْهُمْ أَخُو الصَّرْحِ بَهْرَامَ وَإِخْوَتُهُ وَالْهُرْمُزَانُ وَسَابُورٌ وَسَابُورُ
وَالنَّاسُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ فَمَنْ عَلِمُوا أَنْ قَدْ أَقَلَّ فَمَحْقُورٌ وَمَهْجُورُ
وَهُمْ بَنُو الْأُمِّ إَمَا إِنْ رَأَوْا نَشَبًا فَذَاكَ بِالْغَيْبِ مَحْفُوظٌ وَمَنْصُورُ
وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ مَجْمُوعَانِ فِي قَرَنٍ فَالْخَيْرُ مُتَّبَعٌ وَالشَّرُّ مَحْذُورُ لَفْظُ حَدِيثِ الْمَحْمُودِيِّ ، عَنِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ *
الصفحة 161