كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش - ت: مشهور
[88] وَأَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ سَعِيدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدِ بْنِ يَحْيَى ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى جَابَارِقَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَغْدَادِيُّ ، حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَبِي زُهَيْرٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَغْرَاءَ ، عَنِ الشَّرْقِيِّ بْنِ قُطَامَى ، " أَنَّ الضَّحَّاكَ مَلَكَ الْمَشْرِقَ وَالْمَغْرِبَ أَلْفَ سَنَةٍ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَكَلَ اللَّحْمَ ، وَكَانَ فِي مَنْكِبَيْهِ حَيَّتَانِ قَدْ أَنْبَتَهُمَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمَا ، وَكَانَ يُغَذِّيهُمَا بِأَدْمِغَةِ النَّاسِ ، وَيَذْبَحُ لَهُمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ غُلَامَيْنِ ، أَوْ جَارِيَتَيْنِ ، فَإِنْ شَبِعَتَا ، وَإِلَّا صَاحَتَا حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُمَا يَأْكُلَانِهِ ، فَصَنَعَتِ الْأَعَاجِمُ الْمَزَامِيرَ وَالطُّبُولُ عَلَى صَوْتِ تِلْكَ الْحَيَّتَيْنِ ، فَاسْتَعْمَلَ الضَّحَّاكُ عَلَى مَطْبَخِهِ جَدَّ الْمَسْمَعَانِ الذَّبَاوَنْدِيَّ ، فَكَانَ يَذْبَحُ لِلْحَيَّتَيْنِ ، فَمَكَثَ بِذَلِكَ زَمَانًا ، فَقَالَ يَوْمًا : إِنَّ هَذَا يُفْنِي النَّاسَ ، فَذَبَحَ إِحْدَى الْوَصِيفَتَيْنِ ، فَخَلَطَ دِمَاغَهَا بِدِمَاغِ شَاةٍ فَأَجْرَاهُمَا ذَلِكَ ، وَأَعْتَقَ إِحْدَى الْوَصِيفَتَيْنِ فَسَيَّبَهَا فِي جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الرِّيِّ ، وَكَانَتِ الْحَظِيرَةُ الَّتِي تَجِيءُ إِلَيْهَا ، وَيَجْمَعُونَ فِيهَا الْغِلْمَانَ وَالْجَوَارِي بِدُسْتَنِيَّ ، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَعْقَابَهُمْ ، فَلِذَلِكَ يُسَمَّى دُسْتَنَا *
قَالَ الشَّرْقِيُّ ، فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ كَلْبٍ قَالَ : " رَكِبَ الضَّحَّاكُ يَوْمًا إِلَى الصَّيْدِ ، وَكَانَ غَيُورًا ، فَجَاءَ فَرِيذُونُ بْنُ دَفْيَارَ فِي خَيْلِهِ ، فَدَخَلَ مَنْزِلَ الضَّحَّاكِ ، فَبَلَغَ الضَّحَّاكَ ذَلِكَ ، فَأَسْرَعَ حَتَّى دَخَلَ دَارَهُ ، فَلَمَّا أَبْصَرَ فَرِيذُونَ فِي أَهْلِهِ وَنِسَائِهِ أَسْقَطْتُهُ الْغَيْرَةُ عَنْ دَابَّتِهِ ، وَغُشِيَ عَلَيْهِ ، فَأَوْثَقَهُ أفَرِيذُونُ بِالْحَدِيدِ ، وَقَصَدَ عُمَّالَهُ ، فَلَمْ يَفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَذَلِكَ فِي يَوْمِ الْمِهْرَجَانِ قَالَتِ الْفُرْسُ : أمذ مِهْرَجَانٌ لِقَتْلِ مَنْ كَانَ يَقْتُلُ النَّاسَ ؟ فَقَالَ : إِنَّ لِي بَلَاءً حَسَنًا . قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : أَمَرَنِي الضَّحَّاكُ بِذَبْحِ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ يَوْمٍ ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَذْبَحُ مَنْ كَانَ قَبْلِي ، فَاقْتَصَرْتُ عَلَى وَاحِدٍ ، وَكُنْتُ أَطْلِقُ الْآخَرَ قَالَ : فَأَيْنَ هُمْ ؟ قَالَ : فِي جِبَالِ الدَّيْلَمِ ، فِي الْحَزَنِ ، وَالشَّرْقِ ، وَالدَّبَاوَنْدِ ، وَقَدْ تَزَوَّجُوا ، وَتَوَالَدُوا ، وَكَثُرُوا ، فَهَؤُلَاءِ عُتَقَايَ . قَالَ أَفْرِيذُونُ : قَدْ مَلَّكْتُكَ عَلَيْهِمْ إِنْ كَانَ لِذَلِكَ حَقِيقَةٌ , قَالَ : فَعَلَامَةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ لَيْلَةُ كَذَا وَكَذَا لَيْلَةَ الْوَقُودِ ، وَيُقَدَّمُ إِلَيَّ أُولَئِكَ ، إِذْ كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَةُ أَنْ يُوقِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقُودًا , قَالَ : ثُمَّ أَصْعَدْنَا فَرِيذُونَ إِلَى جَبَلٍ شَاهِقٍ فِي الْهَوَاءِ ، يَطَّلِعُ مِنْهُ عَلَى أُولَئِكَ . قَالَ أَفْرِيذُونُ : مَلَّكْتُكَ عَلَيْهِمْ ، فَاعْتَقَدَ مُلْكُهُ بِدَبَاوَنْدَ وَسَكَنَهَا ، ثُمَّ قَتَلَ أَفْرِيذُونُ الضَّحَّاكَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِي يَوْمِ نَيْرُوزَ ، فَقَالَتِ الْأَعَاجِمُ : نُورُوزُ آمَذَايِ اسْتَقْبَلْنَا يَوْمٌ جَدِيدٌ " *
الصفحة 206