كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش - ت: مشهور

حَدِيثُ التَّيَّارُ
[93] أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَمِيلٍ الرَّافِقِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَلَبِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ مَعْقِلٍ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : " رَأَيْتُ أَسْقُفَ قَيْسَارِيَّةَ فِي الطَّوَافِ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ إِسْلَامِهِ ، فَقَالَ : رَكِبْتُ سَفِينَةً أَقْصِدُ بَعْضَ الْمُدُنِ ، فِي جَمَاعَةٍ مِنَ النَّاسِ ، فَانْكَسَرَتِ السَّفِينَةُ ، وَبَقِيتُ عَلَى خَشَبَةٍ ، تَضْرِبُنِي الْأَمْوَاجُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا ، ثُمَّ قَذَفَ بِيَ الْمَوْجُ إِلَى غَيْضَةٍ ، فِيهَا أَشْجَارٌ لَهَا ثَمَرٌ مِثْلُ النَّبَقِ ، وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ ، فَشَرِبْتُ الْمَاءَ ، وَأَكَلْتُ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَرِ ، فَلَمَّا جَنَّ اللَّيْلُ صَعِدَ مِنَ الْمَاءِ شَخَصٌ عَظِيمٌ ، وَحَوْلَهُ جَمَاعَةٌ لَمْ أَرْ عَلَى صُورَتِهِمْ أَحَدًا ، فَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، الْمَلِكُ الْجَبَّارُ ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، النَّبِيُّ الْمُخْتَارُ ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ صَاحِبُ الْغَارِ ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِفْتَاحُ الْأَمْصَارِ ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ حَسَنُ الْجُوَارِ ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَاصِمُ الْكُفَّارِ ، أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ الْمُنْتَخَبُونَ الْأَخْيَارُ ، وَقَاهُمُ اللَّهُ عَذَابَ النَّارِ ، عَلَى بَاغِضِيهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ ، وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ، وَبِئْسَ الدَّارُ ، ثُمَّ غَابَ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدُ , مَضَى أَكْثَرُ اللَّيْلِ ، صَعِدَ ثَانِيًا فِي أَصْحَابِهِ ، وَنَادَى : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، الْقَرِيبُ الْمُجِيبُ ، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ، النَّبِيُّ الْحَبِيبُ ، أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ الشَّفِيقُ الرَّفِيقُ السَّدِيدُ ، عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رُكْنٌ مِنْ حَدِيدٍ ، عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ الْحَيِّيُّ الْحَلِيمُ ، عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْكَرِيمُ الْمُسْتَقِيمُ ، ثُمَّ بَصَرَنِي أَحَدُهُمْ ، فَدَنَا مِنِّي ، فَقَالَ : جِنِّيُّ أَمْ إِنْسِيُّ ؟ قُلْتُ : إِنْسِيُّ , قَالَ : مَا دِينُكَ ؟ قُلْتُ : النَّصْرَانِيَّةُ , قَالَ : أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ؟ فَقُلْتُ لَهُ : مَنْ هَذَا الشَّخْصُ الْعَظِيمُ الَّذِي نَادَى ؟ فَقَالَ : هُوَ التَّيَّارُ ، مَلَكُ الْبِحَارِ ، هَذَا دَأْبُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ ، فِي بَحْرٍ مِنَ الْبُحُورِ ، ثُمَّ قَالَ : غَدًا يَمُرُّ بِكَ مَرْكَبٌ ، فَصِحْ بِهِمْ أَوْ أَشِرْ إِلَيْهِمْ ، يَحْمِلُوكَ إِلَى بِلَادِ الْإِسْلَامِ ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ مَرَّ مَرْكَبٌ ، فَأَشَرْتُ إِلَيْهِمْ ، وَكَانُوا نَصَارَى ، فَحَمَلُونِي ، وَقَصَصْتُ عَلَيْهِمْ قِصَّتِي ، فَأَسْلَمُوا كَمَا أَسْلَمْتُ ، وَضَمِنْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا أَكْتُمَ هَذَا الْحَدِيثَ " *

الصفحة 220