كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش - ت: مشهور
حَدِيثُ فَرَّاضٍ
[94] أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ الْوَزَّانُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ هِلَالٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ ، حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنِي كُرْزُ بْنُ خَارِقَةَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ ، عَنْ أبيه ، قَالَ : قُلْتُ : "
امْرُؤٌ مُولَعٌ بِالصَّيْدِ أَرْمِيهِ وَأُخْرِجُ الصَّيْدَ بِالْجَوَارِحِ وَالْحَامِدِ وَغَيْرَ ذَلِكَ ، وَكَانَ لَنَا صَنَمٌ ، يُقَالُ لَهُ فَرَّاضٌ ، كُنْتُ كَثِيرَ التَّعَبُّدِ لَهُ ، وَالتَّبَرُّكِ بِهِ ، وَالْقِيَامِ عَلَيْهِ ، وَكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلَّا وَأَنَا أَذْبَحُ لَهُ ذَبِيحَةً ، أَنِيسَةً أَوْ نَافِرَةً ، وَكُنْتُ لَا آخُذُ جَارِيَةً لِصَيْدِ الْأَحْدَاثِ عَلَيْهَا ، فَهَلَكَ ، وَكُنْتُ قَلَّ مَا أُدْخِلُ الْحَيَّ صَيْدًا حَيًّا ، لِأَنِّي كُنْتُ لَا أُدْرِكُهُ إِلَّا وَهُوَ قَدْ أَشْقَى ، فَلَمَّا طَالَ بِي أَتَيْتُ فَرَّاضًا ، فَذَبَحْتُ لَهُ ، وَطُفْتُ بِهِ ، وَأَنْشَأْتُ أَقُولُ :
فَرَّاضُ , أَشْكُو هَلَكَ الْجَوَارِحِ مِنْ طَائِرٍ ذِي مِخْلَبٍ وَنَابِحِ
وَأَنْتَ لِلْأَمْرِ الشَّدِيدِ الْفَادِحِ فَافْتَحْ ، فَقَدْ أَسْهَلْتَ الْمَفَاتِحِ فَأَجَابَنِي مِنَ الصَّنَمِ مُجِيبٌ :
دُونَكَ كَلْبًا سَدِكًا مُبَارَكًا مِنْ طَائِرٍ ذِي مِخْلَبٍ وَنَابِحِ
تَرَاهُ فِي آثَارِهِنَّ سَالِكًا فَافْتَحْ ، فَقَدْ أَسْهَلْتَ الْمَفَاتِحِ
مِنْ فَوْقِهِ وَلِلْجِرَاحِ بَارِكًا قَالَ : فَانْصَرَفْتُ مِنْ عِنْدِهِ ، حَتَّى أَتَيْتُ خِبَائِي ، وَأَصَبْتُ كَلْبًا خِلَاسِيًا عَظِيمًا بَهِيمًا أَسْوَدَ ، عَظِيمَ الْكَفِّ وَالشَّعْرِ ، هَائِلَ الْخَلْقِ ، فَدَعَوْتُهُ , وَبَصْبَصَ لِي ، وَأَلِفَنِي ، فَعَمَدْتُ ، وَجَعَلْتُ مَرْبِطَهُ بِإِزَاءِ فِرَاشِي ، فَأَحْسَنْتُ إِلَيْهِ ، وَأَطْعَمْتُهُ ، فَإِذَا هُوَ أَحْذَقُ مِنِّي بِالصَّيْدِ ، فَكُنْتُ لَا أَرْمِي بِهِ شَيْئًا إِلَّا أَدْرَكَهُ ، وَقَنَصَهُ ، وَلَا يَعِنُّ لَهُ شَيْءٌ مِنَ الصَّيْدِ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا إِلَّا ابْتَدَرَهُ ، وَكُنْتُ قَلَّ يَوْمٌ أَرْجِعُ إِلَّا بِعَشَرَةِ أَعْيَارٍ ، وَبِعَشْرٍ مِنَ النَّعَامِ ، أَوْ بِعَشَرَةٍ مِنَ الْبَقَرِ ، أَوْ بِعَشَرَةٍ مِنَ الْأَرْوَى ، أَوْ مِنَ الظِّبَاءِ ، وَكُنْتُ إِذَا أَتَيْتُ الصَّيْدَ فِيهِ حَيَاةٌ عَقَرْتُهُ لِلصَّنَمِ ، وَذَبَحْتُهُ عَلَى اسْمِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَأْكُلْ مِنْ لَحْمِهِ إِلَّا ضَيْفٌ أَوْ أَسِيرٌ ، فَكُنْتُ أَقُولُ :
حِيَاضُ إِنَّكَ مَأْمُولٌ مَنَافِعُهُ وَقَدْ جَعَلْتُكَ مَوْقُوفًا بِفَرَّاضِ قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ عَلَى ذَلِكَ ، وَحِيَاضٌ عِنْدِي ، وَأَنَا مِنْ أَوْسَعِ الْعَرَبِ رَجُلًا ، وَأَكْثَرِ الْعَرَبِ نَزِيلًا ، حَتَّى إِذَا ظَهَرَ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، نَزَلَ رَجُلٌ مِمَّنْ قَدِمَ عَلَيْهِ ، فَسَمِعَ قَوْلَهُ ، فَحَدَّثَ عَنْهُ مَا رَأَى ، وَأَنَا أَسْمَعُ مَا يَقُولُ ، وَحِيَاضٌ مَعِي ، فَرَأَيْتُهُ يُصْغِي إِلَى حَدِيثِ الرَّجُلِ إِصْغَاءَ مَنْ يَسْمَعُ مَا يَقُولُ ، فَلَمْ أَحْفِلْ بِذَلِكَ مِنْهُ ، وَانْصَرَفْتُ ، وَقَدْ رَسَخَ فِي قَلْبِي مَا سَمِعْتُ ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ غَدٍ خَرَجْتُ لِلْقَنَصِ ، إِذْ إِنِّي لَبِفَلَاةٍ أَقُودُ حِيَاضًا ، وَهُوَ يَأْبَى أَنْ يَتَّبِعَنِي ، وَأَنَا أُكْرِهُهُ وَأَجُرُّهُ ، فَإِنِّي كَذَلِكَ إِذْ رَأَيْتُ تَوْلَبًا ، وَهُوَ حِمَارُ وَحْشٍ صَغِيرٍ ، فَأَرْسَلْتُهُ ، فَصِحْتُ بِهِ كَمَا كُنْتُ أَفْعَلُ ، فَقَصَدَهُ حَتَّى إِذَا قُلْتُ : قَدْ أَخَذَهُ حَادَ عَنْهُ وَفَاتَهُ التَّوْلَبُ , فَأَدْرَكْتُهُ فَأَخَذْتُهُ , وَمَسَحْتُهُ , ثُمَّ مَضَيْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ , فَرَأَيْتُ غَزَالًا صَغِيرًا , فَأَرْسَلْتُهُ , وَجَاءَهُ حَتَّى إِذَا ظَنَنْتُ قَدْ أَخَذَهُ حَادَ عَنْهُ ، فَأَتَيْتُهُ فَأَخَذْتُهُ ، وَمَسَحْتُهُ بِبُرْدِي ، وَأَعَذْتُهُ بِفَرَّاضٍ ، وَأَرْسَلْتُهُ عَلَى ظَبْيَةٍ مَعَهَا خِشْفٌ أَلَا يَأْخُذُهَا ، يَأْخُذُ خِشْفَهَا فَأَهْوَى نَحْوَهَا ، ثُمَّ حَادَ ، فَعَجِبْتُ مِمَّا رَأَيْتُ . ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ :
مَا بَالُ حِيَاضٍ يَحِيدُ كَأَنَّمَا يَرَى الصَّيْدَ مَمْنُوعًا بِشَوْكِ الْأَسَاوِرِ قَالَ : وَأَخَذْتُ الْكَلْبَ وَإِنَّهُ لَمَعِي ، وَأَنَا أُرِيدُ الرُّجُوعَ ، إِذْ رَأَيْتُ رَجُلًا عَظِيمَ الْخَلْقِ رَاكِبًا عَلَى عِيرِ وَحْشٍ ، وَقَدْ تَرَبَّعَ عَلَى ظَهْرِهِ ، وَإِلَى جَانِبِهِ رَجُلٌ آخَرُ رَاكِبٌ عَلَى ثَوْرٍ وَحْشِيٍّ ، وَهُمَا يَتَسَايَرَانِ وَيَتَجَاذَبَانِ ، وَخَلْفَهُمَا عَبْدٌ أَسْوَدُ ، يَقُودُ كَلْبًا عَظِيمًا فِي عُنُقِهِ سَاجُورٌ ، فَلَمَّا كَانَا بِإِزَائِي صَاحَ أَحَدُهُمَا بِالْكَلْبِ الَّذِي مَعِي :
وَيْلَكَ يَا حِيَاضُ لَا تَصِيدُ
عَنْزًا وَارِمًا حَرَّمَهَا السَّيِّدُ
اللَّهُ أَعْلَى وَلَهُ التَّوْحِيدُ
وَعَبْدُهُ مُحَمَّدٌ السَّدِيدُ
فَكُلٌّ لَا يُبْدِي وَلَا يُعِيدُ
يَا وَيْلَ فَرَّاضٍ لَهُ التَّوْكِيدُ
أَنَّى لَهُ التَّذْكِيرُ وَالْوَعِيدُ قَالَ : فَانْصَرَفْتُ ، وَقَدْ ذُلَّ الْكَلْبُ مَعِي ، حَتَّى مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ انْكِسَارًا أَوْ ذُلًّا ، وَأَتَيْتُ أَهْلِي مَهْمُومًا كَاسِفًا ، فَأَقَمْتُ نَهَارِي لَا أَنْبَسِطُ لِكَلَامِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِي ، وَجَاءَنِي اللَّيْلَةُ ، فَأَلْقَيْتُ نَفْسِي عَلَى فِرَاشِي ، وَالْكَلْبُ رَابِضٌ بِإِزَائِي ، وَإِنِّي لَأَتَمَلْمَلُ مُفَكِّرًا فِيمَا رَأَيْتُ إِذْ حَسَسْتُ حِسًّا ، فَفَتَحْتُ عَيْنِي فَإِذَا الْكَلْبُ الَّذِي رَأَيْتُ الْعَبْدَ يَقُودُهُ قَدْ دَخَلَ ، وَوَثَبَ إِلَى حِيَاضٍ ، فَقَالَ لَهُ : أَخْفِ ذِكْرَكَ حَتَّى أَنْظُرَ : أَنَائِمٌ أَمْ لَا ، ثُمَّ أَقْبَلَ نَحْوِي ، فَأَغْمَضْتُ عَيْنِي ، وَجَعَلْتُ أَتَنَفَّسُ بِتَنَفُّسِ النَّائِمِ وَتَطَاوَلَ ، فَتَأَمَّلَنِي ، ثُمَّ نَكَصَ عَنِّي ، فَقَالَ : قَدْ نَامَ فَلَا عَيْنَ ، وَلَا سَمْعَ ، فَقَالَ : وَيْحَكَ مَا هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي وَقَعْنَا فِيهِ ؟ قَالَ لَهُ الْكَلْبُ : رَأَيْتُ الرَّجُلَيْنِ عَلَى الثَّوْرِ وَالْعَيْنِ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَقَدْ مُلِئْتُ منهما رُعْبًا فَقَالَ : فَإِنَّهُمَا عَظِيمَا الزَّوَاجِرِ ، وَقَدْ أَتَيَا هَذَا الرَّجُلَ ، وَصَارَا عَلَى دِينِهِ ، وَسُلِّطَا عَلَى شَيَاطِينِ الْأَوْثَانِ فَمَا يَتْرُكَانِ لِوَثَنٍ شَيْطَانًا ، فَإِمَّا أَنْ تَخْرُجَ عَنْهُ أوَ تَهْرَبَ مِنْهُ ، وَإِلَّا قَتَلَاكَ عَذَابًا وَتَنْكِيلًا ، وَقَدْ نَظَرَا إِلَيْكَ بِالْأَمْسِ ، وَإِنَّمَا تَرَكَاكَ لِأَنَّهُمَا اسْتَضْعَفَاكَ ، وَعَلِمَا أَنَّكَ سَتَهْرَبُ إِذَا بَلَغَكَ خَبَرُهُمَا ، وَقَدْ عَلِقَانِي ، وَأَنَا صَاحِبُ وَثَنٍ ، فَبَسَطَا عَلَيَّ عَذَابَهُمَا ، حَتَّى حَلَفْتُ لَهُمَا أَنِّي أَهْرَبُ عَنِ الْوَثَنِ ، ثُمَّ لَا أَقْرَبُهُ أَبَدًا ، فَتَرَكَانِي ، وَأَنَا أَرَى لَكَ أَنْ تَهْرَبَ مِنْ وَثَنِكَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَا عَلَيْكَ ، فَإِنَّهُمَا إِنْ عَلِقَاكَ قَتَلَاكَ ، وَأَنَا نَاصِحٌ لَكَ ، فَقَالَ لَهُ حِيَاضٌ : وَيْحَكَ فَأَيْنَ تَرَى لِي ؟ قَالَ : حَيْثُ هَوَى نَفْسِي نَحْوَ عَيْنِ الْبَحْرِ لِنَقَعَ بِأَرْضِ الْهِنْدِ قَالَ : فَمِنْ سَاعَتِنَا ؟ قَالَ : إِذَا شِئْتَ . وَخَرَجَا ، وَقُمْتُ فِي أَثَرِهِمَا ، فَإِذَا لَا أَثَرَ ، وَلَا خَبَرَ ، فَرَجَعْتُ مِنْ سَاعَتِي إِلَى أَهْلِي ، فَأَخْبَرْتُهُمْ بِخَبَرِ حِيَاضٍ ، قَالُوا : فَمَا تَرَى ؟ قُلْتُ : أَرَى أَنْ آتِيَ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَأَتْبَعَهُ قَالَ : فَحَلَفُوا عَلَيَّ ، وَقَالُوا : بَيْنَمَا رَأَيْتَ لِنَفْسِكَ تَرْغَبُ عَنْ دِينِ آبَائِكَ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : إِنَّمَا أَسْتَشِيرُكُمْ ، وَمَا الرَّأْي إِلَّا فِيمَا رَأَيْتُمْ وَأَشَرْتُمْ ، فَلَسْتُ بِفَاعِلٍ عَلَى غَيْرِهِ ، وَغَفَلُوا عَنِّي ، وَآتِي الصَّنَمَ فَأَفُضَّهُ ، حَتَّى جَعَلْتُهُ حَطَبًا ، ثُمَّ وَفَدْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَيْتُ يَوْمَ جُمُعَةٍ ، فَكُنْتُ أَسْفَلَ مِنْبَرِهِ ، فَصَعِدَ يَخْطُبُ ، فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ : " إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ ، نَبِيُّ الْآيَاتِ وَالْبَيِّنَاتِ ، وَإِنَّ أَسْفَلَ مِنْبَرِي هَذَا الرَّجُلَ مِنْ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ ، قَدِمَ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ ، وَلَمْ أَرَهُ قَطُّ ، وَلَمْ يَرَنِي إِلَّا فِي سَاعَتِي هَذِهِ ، وَلَمْ أُكَلِّمْهُ ، وَلَمْ يُكَلِّمْنِي ، وَسَيُخْبِرُكُمْ بَعْدَ أَنْ أُصَلِّيَ عَجَبًا " . قَالَ : وَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ مُلِئْتُ مِنْهُ عَجَبًا فَلَمَّا صَلَّى قَالَ لِي : " أَدْنِهِ يَا أَخَا الْعَشِيرَةِ , حَدِّثْنَا خَبَرَكَ ، وَخَبَرَ حِيَاضٍ وَفَرَّاضٍ ، مَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ ؟ قَالَ : فَقُمْتُ عَلَى قَدَمَيَّ ، ثُمَّ حَدَّثْتُهُ وَالْمُسْلِمِينَ حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِ حَدِيثِي قَالَ : فَرَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلسِّرُورِ مُذْهِبًا ، فَدَعَانِي إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَتَلَا عَلَيَّ الْقُرْآنَ ، فَأَسْلَمْتُ وَأَقَمْتُ عِنْدَهُ حِينًا ، ثُمَّ اسْتَأْذَنْتُهُ فِي الْقُدُومِ عَلَى قَوْمِي ، فَأَذِنَ لِي فَخَرَجْتُ حَتَّى أَتَيْتَهُمْ ، وَرَغَّبْتُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ ، فَأَسْلَمُوا وَأَتَيْتُ بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَافَقُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَأَنَا الَّذِي أَقُولُ :
تَبِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ إِذْ جَاءَ بِالْهُدَى وَخَلَّفْتُ فَرَّاضًا بِدَارِ هَوَانِ
شَدَدْتُ عَلَيْهِ شِدَّةً فَتَرَكْتُهُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ وَالدَّهْرُ ذُو حِدْثَانِ
رَأَيْتُ لَهُ كَلْبًا يَقُومُ بِأَمْرِهِ يُهَدِّدُ بِالتَّنْكِيلِ وَالرَّجْفَانِ
فَلَمَّا رَأَيْتُ اللَّهَ أَظْهَرَ دِينَهُ أَجَبْتُ رَسُولَ اللَّهِ حِينَ دَعَانِي
وَأَصْبَحْتُ لِلْإِسْلَامِ مَا عِشْتُ نَاصِرًا وَأَلْقَيْتُ فِيهِ كَلْكَلِي وَجِرَانِي
فَمَنْ مُبْلِغٌ سَعْدَ الْعَشِيرَةِ إِنَّنِي شَرَيْتُ الَّذِي يَبْقَى بِمَا هُوَ فَانِ " *
الصفحة 223