كتاب ذكر ابن أبي الدنيا وما وقع عاليا من حديثه
جِئْتُهُ فَقَالَ لِي: كَيْفَ مَحَبَّتُكَ لِمُؤَدِّبِكَ؟ قَالَ: كَيْفَ لا أُحِبُّهُ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَتَقَ لِسَانِي بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَعَ ذَاكَ إِذَا شِئْتَ أَضْحَكَكَ وَإِذَا شِئْتَ أَبْكَاكَ، قَالَ: يَا رَاشِدُ، أَحْضِرْ لِي هَذَا، قَالَ: فَأُحْضِرْتُ وَقُرِّبْتُ حَتَّى قُرِّبْتُ مِنْ سَرِيرِهِ، وَابْتَدَأْتُ فِي أَخْبَارِ الْخُلَفَاءِ وَمَوَاعِظِهِمْ، فَبَكَى بُكَاءً شَدِيدًا، قَالَ: فَجَاءَنِي رَاغِبٌ أَوْ بَائِسٌ، فَقَالَ لِي: كَمْ تَبْكِي الأَمِيرَ؟ ! فَقَالَ: قَطَعَ اللَّهُ يَدَكَ مَا لَكَ وَلَهُ، يَا رَاشِدُ؟ تَنَحَّ عَنْهُ، قَالَ: وَابْتَدَأَ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ نَوَادِرَ الأَعْرَابِ، فَضَحِكَ ضَحِكًا كَثِيرًا، ثُمَّ قَالَ: شَهَّرْتَنِي، شَهَّرْتَنِي.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَقَالَ لأَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْفُرَاتِ: أَجْرِ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فِي كُلِّ شَهْرٍ.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَكُنْتُ أَقْبِضُهَا لابْنِ أَبِي الدُّنْيَا إِلَى أَنْ مَاتَ
الصفحة 350
430