كتاب مسألة سبحان لنفطويه

وَأَمَّا قَوْلُهُ {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقُدِّسُ لَكَ} [البقرة: 30] فَقَوْلُهُمْ «نُسَبِّحُ» أَيْ نُنَزِّهُكَ وَنُبَاعِدُ عَنْكَ مَا وُصِفْتَ بِهِ مِنْ خِلَافِ صِفَاتِكَ، وَقَوْلُهُ: «بِحَمْدِكَ» أَيْ بِرِضَاكَ، وَرِضَانَا بِذَلِكَ، وَالتَّقْدِيسُ: التَّطْهِيرُ، وَبِهَذَا سُمِّيَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ، أَيْ بَيْتَ الطَّهَارَةِ. وَبِهَذَا سُمِّيَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: رُوحَ الْقُدُسِ، أَيْ رُوحَ الطَّهَارَةِ، قاَلَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
أَمِينَاهُ رُوحُ الْقُدُسِ جِبْرِيلُ مِنْهُمْ ... وَمِيكَالُ ذُو الْوَحْيِ الْقَوِيِّ الْمُسَدَّدِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} [يونس: 68] أَيْ تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: {كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ} [البقرة: 116] الْقُنُوتُ: الطَّاعَةُ فَالْمَعْنَىَ: تَنْزِيهًا لَهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ خَلْقِهِ إِلَّا مَمْلُوكًا لَهُ، لَيْسَ فِيهِمْ وَلَدٌ، أَلَا تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 2] فَالصَّمَدُ: الَّذِي يُصْمَدُ إِلَيْهِ فِي الْأُمُورِ، لَا نِهَايَةَ بَعْدَهُ، وَهَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ، قَالَ أَوْسُ بُنْ حُجْرٍ:
أَلَا بَكَّرَ النَّاعِي بَخَيْرَيْ بَنِي أَسَدِ ... بَعَمْرِو بْنِ مَسْعُودٍ وِبِالسَّيِّدِ الصَمَدِ،

الصفحة 381