كتاب فنون العجائب لأبي سعيد النقاش - ت: مشهور
[39] أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَيْضِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خُزَيْمٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " بَيْنَمَا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ إِذْ أَخَذَهُمُ الْمَطَرُ ، فَآوَوْا إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ ، فَانْحَطَّتْ فِي غَارِهِمْ صَخْرَةٌ مِنَ الْجَبَلِ ، فَانْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : انْظُرُوا أَعْمَالًا عَمِلْتُمُوهَا صَالِحَةً لِلَّهِ ، فَادْعُوا اللَّهَ بِهَا ، لَعَلَّهُ أَنْ يَفْرُجُهَا ، فَقَالَ أَحَدُهُمُ : اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ لِي وَالِدَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ ، وَامْرَأَتِي ، وَلِي صُبَيَّةٌ صِغَارٌ ، فَكُنْتُ أَرْعَى عَلَيْهِمْ ، حَلَبْتُ فَبَدَأْتُ ، وَكُنْتُ أَبْدَأُ بِالْوَالِدَيْنِ أَسْقِيهِمَا قَبْلَ بَنِيَّ ، فَلَمْ آتِهِمَا حَتَّى أَمْسَيْتُ ، فَوَجَدْتُهُمَا قَدْ نَامَا ، فَحَلَبْتُ كَمَا كُنْتُ أَحْلُبُ ، فَجِئْتُ بِالْحِلَابِ ، فَقُمْتُ عِنْدَ رُءُوسِهِمَا ، أَكْرَهُ أَنْ أُوقِظَهُمَا مِنْ نَوْمِهِمَا ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَبْدَأَ بِالصِّبْيَةِ قَبْلَهُمَا ، وَالصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ قَدَمَيَّ ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِي وَدَأْبُهُمْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ لَنَا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ ، فَفَرَجَ اللَّهُ مِنْهَا فُرْجَةً ، فَرَأَوْا مِنْهَا السَّمَاءَ ، فَقَالَ الْآخَرُ : اللَّهُمَّ إِنِّي كَانَتْ لِي بِنْتُ عَمٍّ ، أُحِبُّهَا كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرِّجَالُ النِّسَاءَ ، فَطَلَبْتُ إِلَيْهَا نَفْسَهَا ، فَأَبَتْ حَتَّى آتِيَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ ، فَسَعَيْتُ حَتَّى جَمَعْتُ مِئَةَ دِينَارٍ ، فَجِئْتُهَا بِهَا ، فَلَمَّا وَقَعْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ : يَا عَبْدَ اللَّهِ اتَّقِ اللَّهَ ، وَلَا تَفْضُضِ الْخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ ، فَقُمْتُ عَنْهَا ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرِجْ لَنَا مِنْهُ فُرْجَةً ، فَفَرَجَ اللَّهُ لَهُمْ فُرْجَةً ، وَقَالَ الْآخَرُ : اللَّهُمَّ إِنِّي كُنْتُ اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقِ أَرُزٍّ ، فَلَمَّا قَضَى عَمَلُهُ قَالَ : أَعْطِنِي حَقِّي ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ فَرْقَهُ ، فَتَرَكَهُ ، وَرَغِبَ عَنْهُ ، فَلَمْ أَزَلْ أَزْرَعُهُ حَتَّى جَمَعْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيهَا ، فَجَاءَنِي ، فَقَالَ : اتَّقِ اللَّهَ ، وَلَا تَظْلِمْنِي ، أَعْطِنِي حَقِّي ، فَقُلْتُ : اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا ، فَخُذْهَا قَالَ : اتَّقِ اللَّهَ ، لَا تَهْزَأْ بِي ، فَقُلْتُ : إِنِّي لَا أَهْزَأُ بِكَ ، فَخُذْ تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا ، فَأَخَذَهَا ، فَذَهَبَ بِهَا ، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْهَا فَفَرَجَهَا عَنْهُمْ " وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسٌ
الصفحة 85