كتاب شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (اسم الجزء: 1)

{بَلْ}: هنا للإضراب الإبطالي.
وانظر كيف اختلف التعبير: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، لأن المقام مقام تمدح بالكرم، والعطاء باليدين أكل من العطاء باليد الواحدة.
{مَبْسُوطَتَانِ}: ضد قولهم: {مَغْلُولَةٌ}، فيد الله تعالى مبسوطتان واسعتا العطاء:
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يد الله ملأى سحاء (كثيرة العطاء) الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق مذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم يغض ما فيه يمينه" (¬1).
من يحصى ما أنفق الله منذ خلق السماوات والأرض؟! لا يحصيه أحد! ومع ذلك لم يغض ما في يمينه.
وهذا كقوله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر" (¬2).
ولننظر إلى المخيط غمس في البحر، فإذا نزعته، لا ينقص
¬__________
(¬1) رواه البخاري (7411) كتاب التوحيد/ باب "لما خلقت بيدي"، ومسلم (993) عن أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب الزكاة/ باب الحث على النفقة.
(¬2) رواه مسلم (2577) كتاب البر/ باب تحريم الظلم من حديث أبي ذر, قال عنه الإمام أحمد: "هو أشرف حديث لأهل الشام""جامع العلوم الحكم" (2/ 34) , وقد توسع الإمام ابن رجب في شرحه في كتاب "جامع العلوم والحكم".

الصفحة 297