كيف ينادي علينا هذا الشيخ الفقيه بالبيع ونحن ملوك الأرض، واللّه لأضربنه بسيفي هذا «فما كان حكم الناس من شأن فقيه، ولا كانت أقدار الناس على ما يفتى به، ثم ركب في جماعته ليثأر لنفسه ولجماعته بالسيف، وليضع حدا لتطاوله عليهم وهم أمراء مصر وملوك الأرض!
ووقف نائب السلطنة على باب الشيخ ممتطيا صهوة جواده، والسيف في يده قائم كأنه متأهب لميدان حرب، وطرق الباب على الشيخ طرقات قوية عنيفة، فخرج ولد الشيخ يستطلع الأمر، فأذهله ما رأى من هيئة نائب السلطنة وجماعته وزاد من رعبه وفزعه أن سأله نائب السلطنة عن والده ليفتك به، وليتركه بدادا بسيفه، وأسرع ولد الشيخ الى داخل الدار فزعا جزعا ينبىء والده بالشر المتربص بالباب ويسأله أن يختفي، فلا يظهر نفسه حتى يدبر للهرب أو يؤذن اللّه بالفرج.
وابتسم الشيخ لما سمع، وهدّأ من روع ولده قائلا: لا عليك يا بني، فأبوك أقل من أن يقتل في سبيل اللّه، ثم نهض إلى باب الدار، شامخا كالطود، جريئا كالأسد ثابتا يزيد من ثباته وهيبته إيمان قوي باللّه يتضاءل كل ما في هذه الدنيا بجانبه، ووقف الشيخ الأعزل إلا من قوة الحق وصدق الأيمان أمام نائب السلطنة وهو في سلاحه وعتاده وجنده، وما زاد الشيخ على أن أرسلها نظرة حادة نافذة، فإذا بنائب السلطنة يذعن أمام هيبة الشيخ ويتضاءل في سلاحه وجنده، وإذا به يسرع فيغمد سيفه، ويترجل من فوق جواده، ويهوي على يد الشيخ يقبلها، وأطرافه يمسحها، ويسأله أن يغفر له ما فرط منه، وأن يتجاوز عما ارتكب في حقه، ويطلب منه الدعاء والرضاء «قائلا: ايش يا سيدي تريد أن تعمل».
قال الشيخ: أريد أن أنادي عليكم وأبيعكم. قال: وماذا تصنع بثمننا؟ قال: أصرفه في مصالح المسلمين، قال: ومن يقبض الثمن قال: أنا أقبضه وأتولى صرفه. قال: لك ما تشاء في أمرنا.
وأصبح الصباح في اليوم الثاني، وعقد مجلس كبير من رجالات