كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 1)

الجامع الأزهر وقصدوا الشيخ وأخبروه بالواقعة، فغضب الشيخ لاستهتار الأمراء وتعسفهم ونادي في الجماهير غير هياب ولا وجل: أنا معكم، وغدا نجمع أهالي الأطراف والحارات وبولاق ومصر القديمة وأركب معكم وننهب بيوتهم كما نهبوا بيوتنا ونموت شهداء أو ينصرنا اللّه عليهم وأمر الشيخ بدق الطبول على المنارات إيذانا بالاستعداد للقتال، وترامت الأخبار بين الأهالي، فأسرعوا نحو الأزهر للاشتراك في المعركة، وكانت أخبار الجماهير الهائجة قد وصلت إلى إبراهيم بك، وبلغه تصميم الإمام الدردير على قيادة الشعب ضد الأمراء، وكان يعلم مقدار ما للشيخ من نفوذ ومكانة على الأهالي، فخشى أن يستفحل الأمر ويؤدي إلى ضياع سلطته في مصر، فأرسل نائبه ومعه أحد الأمراء إلى الإمام الدردير واعتذر له عما حدث، ووعد بأن يكف أيدي الأمراء عن الناس. كما قرر توبيخ حسن بك شفت على صنيعه وطلب قائمة بجميع ما نهبه ليأمره برد ذلك إلى صاحبه، وهكذا وضع الامام قاعدة دستورية هامة وهي احترام الحكم لارادة المحكومين 1.
والثورة الثانية 2تتلخص كما تقدم في أنه في شهر ذي الحجة عام (1209 ه‍- 1795 م) اشتكى فلاحو قرية من قرى بلبيس إلى الشيخ عبد اللّه الشرقاوي من ظلم محمد بك الألفي ورجاله، فبلغ الشيخ الشرقاوي الشكوى إلى كل من مراد وإبراهيم بك، وخاطبهما في كف أذى محمد بك الألفي عن الفلاحين فلم يفعلا شيئا، فما كان من الشيخ الشرقاوي رحمه اللّه تعالى إلا أن عقد اجتماعا في الأزهر حضره العلماء وتشاوروا في الأمر فاستقر رأيهم على مقاومة الامراء بالقوة حتى يجيبوا مطالبهم، وقرروا إغلاق أبواب الجامع الأزهر، وأمروا الناس بغلق الأسواق والحوانيت استعدادا للقتال.
__________
1) مجلة الأزهر عدد شوال 1372 الأستاذ أحمد عز الدين خلف الله-و الجبرتي طبعة بولاق ج‍ 2 ص 103 - 104.
2) الجيرتي ج‍ 2 ص 258، والأستاذ خلف الله في مجلة الأزهر.

الصفحة 131