كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 1)

العامة. . . وإني لا أستطيع أن أشهد بغير ما أعتقد أنه حق. . .
فقرر محمد على التخلص من عمر مكرم. . وأراد أن يحتال عليه، وطلب إليه أن يذهب لمقابلته في الديوان، فأجاب السيد عمر مكرم قائلا:
إن الباشا إذا أراد مقابلتي، فلينزل من القلعة لمقابلتي في بيت السادات، لتكون المقابلة على سواء.
وكان محمد علي يجمع من الضرائب أكثر مما ينفق. . ويحتجز الأموال لنفسه، فاحتج عمر مكرم، وقال كلاما كثيرا جاء فيه:
أما ما صرفه الباشا في سد الترعة فإن الذي جمعه وجباه من البلاد يزيد على ما صرفه أضعافا كثيرة، وأما غير ذلك، فكله كذب لا أصل له، وإن وجد من يحاسبه على ما أخذه من القطر المصري من الفرض والمظالم لما وسعته المظالم. .
فقرر محمد علي نفيه من القاهرة، فابتسم الشيخ عمر مكرم وقال:
أما منصب النقابة فإني راغب عنه وزاهد فيه، وليس فيه إلا التعب:
وأما النفي فهو غاية مطلوبي، وأرتاح من هذه الورطة، ولكن أريد ان أكون في بلد لم تكن تحت حكمه، فإذا لم بآذن لي في الذهاب إلى أسيوط، فليأذن لي في الذهاب إلى الطور أو إلى درنة.
فأخبروا الباشا بذلك، فلم يرض إلا بذهابه إلى دمياط.
وخرج عمر مكرم زعيم الشعب إلى منفاه في 13 اغسطس 1809.
وهكذا أخرج محمد علي الشعب المصري من الميدان، وقرر أن يستبد بأمر مصر وحده.
وهكذا أنكر فضل هذا الشعب عليه، وأخذ طريق المستبدين، وخلفه أبناؤه فساروا في طريقه، ووضعوا أيديهم في يد أعداء البلاد. . وزاد أمرهم سوءا، وأحاطت بهم الأزمات. .

الصفحة 180