كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 1)

في القوانين السابقة من نقص في مواد التعليم على اختلاف مراحله، فقد جعل من مواد الدراسة في الكليات: تاريخ التشريع الإسلامي، ومقارنة المذاهب، وفن الحديث دراية، وآداب اللغة العربية وتاريخها، وفقه اللغة، وتاريخ الأمم الإسلامية، وعلم النفس، والفلسفة، مع الرد على ما يكون منافيا للدين منها، وغير ذلك من المواد التي لم تكن تدرس في القسم العالي من الأزهر الشريف.
ولما كان التخصص في العلوم هو الطريقة المنتجة التي جرى عليها علماء الاسلام في أوائل العصور، وإليها يرجع الفضل في تقدم العلوم وارتقائها قديما وحديثا، نص هذا القانون على إنشاء أقسام للتخصص في المواد التي تعني بها الكليات، للتبحر فيها، وعلى منح المتخرجين منها شهادة العالمية مع لقب أستاذ، وعلى جعلهم أهلا لشغل كراسي الأستاذية في الكليات، كما نص على إنشاء أقسام للتخصص في التدريس والقضاء الشرعي والوعظ والإرشاد، يكون متخرجوها أهلا للتدريس في مدارس الحكومة والمعاهد وتولي الوظائف الشرعية والدينية في الدولة.
وإذا كانت كليات الأزهر ستكون في دور خاصة في حيّه وبحواره، فإن نفس الجامع الأزهر سيكون معمورا بالدروس على اختلاف أنواعها، مفتح الأبواب لقاصديه، من المسلمين على اختلاف طبقاتهم، غير مقصور على إقامة الصلاة.
ولقد كان لصدور هذا القانون وانتشار أنبائه وقع حسن عظيم في نفوس المسلمين في عامة الأقطار، وقد ابتدأت البعثات تتوارد وتتتابع: من الصين وبولونيا وألبانيا، والهند، وغيرها، للاغتراف من هذا المنهل العذب. وأخذت الجامعات الكبرى تتصل بالأزهر الشريف، وكان منها جامعة غرناطة، التي لبى الأزهر الشريف دعوتها إلى الاحتفال بمرور القرن الرابع على تأسيسها».

الصفحة 206