كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 1)

إمرته مائة ألف مقاتل مزودين بالآلات الحربية، وبالمال الكثير.
جوهر الصقلي فاتح مصر:
ولد جوهر بجزيرة صقلية نحو عام 300 ه‍، ومع أنه رومي الأصل إلا أنه نشأ في صقلية نشأة إسلامية خالصة، فقد دخل الإسلام جزيرة صقلية سنة 212 ه‍، ويرجح المؤرخون ان أباه كان مسلما 1.
واتصل جوهر ببلاط المعز، ويبدو أنه كان في حاشيته العسكرية، وقد قربه الخليفة الفاطمي، لما توسمه فيه من الإخلاص للدين، ولمواهبه الفذة وثقافته الواسعة، وظل يتدرج في سلك المناصب في دولة المعز، حتى اتخذه المعز كاتبا له عام 341 ه‍- 953 م، وهي السنة التي ولى المعز فيها الخلافة، ثم رقاه إلى منصب الوزارة سنة 347 ه‍، وولاه قيادة جيش كثيف لتوسيع ملك المعز في شمالي إفريقية، وقد انتصر جوهر، وتوغل في فتوحه حتى وصل إلى شاطىء المحيط الأطلسي.
ولما فكر المعز في فتح مصر أسند لجوهر قيادة الجيش الفاتح، ولما رحل جوهر من القيروان إلى مصر في يوم السبت 14 ربيع الثاني عام 358 ه‍-فبراير 969 م، خرج الخليفة لتوديعه بنفسه، وقال: واللّه لو خرج جوهر وحده لفتح مصر وليدخلن إلى مصر بالأردية من غير حرب، ولينزلن في خرابات ابن طولون، ويبني مدينة تقهر الدنيا، وانشد ابن هاني الأندلسي المعزّ قصيدته:
رأيت بعيني فوق ما كنت أسمع وقد راعني يوم من الحشر أروع
غداة كأن الأفق سد بمثله فعاد غروب الشمس من حيث تطلع
فلم أدر إذ ودعت كيف أودع ولم أدر إذ شيعت كيف أشيع
ألا إن هذا حشد من لم يذق له غرار الكرى جفن ولا بات يهجع
إذا حل في أرض بناها مدائنا وإن سار من أرض غدت وهي بلقع
__________
1) تاريخ جوهر الصقلي لعلي إبراهيم حسن ط 1933.

الصفحة 21