كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 1)

نظرة إلى المستقبل

إن ما كسبه الأزهر من هذا الانقلاب في مصايره لا يزال رهن الزمن والمستقبل. ومن سبق القول-كما يقول عنان-أن نتحدث عن مزايا نظام جامعي لم يتمخض بعد عن آثاره، ولكنا نستطيع بالعكس أن نقول أن الأزهر الحديث على الرغم من جميع الجهود التي بذلت لإصلاحه منذ نصف قرن، وبالرغم من تحويله الظاهر إلى جامعة أزهرية، فقد كثيرا من المزايا العلمية والجامعية الحقيقية التي اقترنت بتاريخه القديم.
فقد اختفى جيل العلماء الأعلام المبرزين في علوم الدين واللغة ممن حفلت بهم حلقاته في أواخر القرن الماضي، وكانوا بقية أخيرة لذلك الجيل القديم، من علماء الأزهر الذين وهبوا حياتهم للدرس، وقد كان الأزهر حتى أواخر القرن الماضي يأخذ بنصيب بارز في تكوين الزعامة الفكرية والقومية؛ وكان ظهور رجال مثل محمد عبده وسعد زغلول من بين صفوف طلبته، أسطع دليل على أن هذا المعهد التالد لم يفقد خلال عصور الانحلال والتأخر كل حيويته الفكرية، ولكن هذه الظاهرة تكاد تختفي اليوم.
وقد فقد الأزهر كثيرا من خاصته الروحية التي كانت تحمل شيوخه وطلابه على التفاني في التحصيل والدرس، والتعلق بشرف العلم والإعراض عن مغريات الدنيا، وإيثار التقشف والزهد، على الحياة الناعمة. . وتحول شيوخ الأزهر في ظل النظم الجديد شيئا فشيئا إلى نوع

الصفحة 216