خالد البروماي المتوفى سنة 1106 ه، فقد ذكر صراحة انه كان شيخا للجامع الأزهر 1، فمتى كان ذلك، لا ريب انه تولى المشيخة قبل أن يتولاها الشيخ الخرشي في أواخر القرن الحادي عشر، وقد توفي الشيخ الخرشي كما تقدم في سنة 1101 ه وتولى المشيخة من بعده الشيخ النشرتي المتوفى سنة 1120 ه فربما كان البرماوي المتوفى سنة 1106 قد تولى المشيخة قبلهما، اي في أواخر القرن الحادي عشر حوالي سنة 1080 الى سنة 1090 ه.
فمشيخة الأزهر إذا ترجع إلى أواخر القرن الحادي عشر فقط، والشيخ الخرشي كان أول من تولاها غالبا.
والمرجح أن هذا النظام يرجع إلى أواسط القرن العاشر، وأنه يمت كما قدمنا بصلة إلى التغييرات التي أحدثها الترك العثمانيون في الوظائف الدينية الكبرى، وقد كان لشيخ الجامع الأزهر وعلمائه نفوذ خاص يعتمد عليه ولاة الأمر كلما اقتضت الظروف والحوادث. وقد بلغ هذا النفوذ فيما بعد مبلغ الرياسة والزعامة في أواخر القرن الثالث عشر، ولا سيما وقت مقدم الحملة الفرنسية، حيث كان لأكابر الشيوخ رأي بارز في معظم الحوادث والشؤون الداخلية، وكانوا يعتبرون دائما ممثلي الأمة، وكان منهم أعضاء الديوان الذي ألفه الفرنسيون لحكم مدينة القاهرة. وكان لهم نفوذ يذكر في سير الحوادث في ذلك الحين.
ومن المعروف أن العصر التركي هو أكثر العصور في تاريخ مصر الإسلامية غموضا واضطرابا، وأقلها وثائق ومراجع، لما حدث فيه من اضمحلال الحركة الأدبية. وفتور الهمم عن التأليف، وانصراف المؤرخين عن تناول الشؤون العامة والأمور النافعة، إلى ملق الحكام وتدوين سيرهم الشخصية.
__________
1) عجائب الآثار ج 1 ص 70