وزراعة متسعة نحو ألف فدان، وبها بستان نضر، وأكثر أهلها مسلمون».
والشيخ الخرشي هذا ترجمه الشيخ علي الصعيدي العدوي في حاشيته على شرحه الصغير لمتن خليل، فقال: «هو العلامة الإمام، والقدوة الهمام، شيخ المالكية شرقا وغربا، قدوة السالكين عجما وعربا، مربي المريدين، كهف السالكين، سيدى أبو عبد اللّه محمد بن عبد اللّه بن علي الخرشي، ونسب عصبته بأولاد صباح الخير، انتهت إليه الرياسة في مصر حتى لم يبق بها في آخر عمره إلا طلبته وطلبة طلبته، وكان متواضعا عفيفا، واسع الخلق، كثير الأدب والحياء، كريم النفس، جميل المعاشرة حلو الكلام، كثير الشفاعات عند الأمراء وغيرهم، مهيب المنظر، دائم الطهارة، كثير الصمت، كثير الصيام والقيام، زاهدا ورعا، متقشفا في مأكله وملبسه ومفرشه ولا يصلي الصبح صيفا ولا شتاء إلا بالجامع الأزهر، ويقضى بعض مصالحه من السوق بيده ومصالح بيته في منزله. ويقول من عاشره: ما ضبطنا عليه ساعة هو فيها غافل عن مصالح دينه أو دنياه، وكان إذا دخل منزله يتعمم بشملة صوف بيضاء، وكانت ثيابه قصيرة على السنة المحمدية، واشتهر في أقطار الأرض، كبلاد الغرب والشام والحجاز والروم واليمن، وكان يعير من كتبه من خزانة الوقف بيده لكل طالب، مع السهولة إيثارا لوجه اللّه تعالى، ولا يمل في درسه من سؤال سائل، لازم القراءة سيما بعد شيخه البرهان اللقاني وأبى الضياء علي الأجهوري. وكان أكثر قراءته بمدرسة الأقبغاوية. وكان يقسم متن خليل نصفين: نصف يقرؤه بعد الظهر عند المنبر كتلاوة القرآن، ويقرأ النصف الثاني في اليوم الثاني، وكان له في منزله خلوة يتعبد فيها، وكانت الهدايا والنذور تأتيه من أقصى بلاد الغرب وغيرها فلا يمسك منها شيئا، بل أقاربه ومعارفه يتصرفون فيها.
أخذ العلوم عن عدة من العلماء الأعلام كالعلامة الشيخ علي الأجهوري، وخاتمة المحدثين الشيخ إبراهيم اللقاني، والشيخ يوسف القيشي والشيخ عبد المعطى البصير، والشيخ يسن الشامي، ووالده الشيخ عبد اللّه الخرشي، وتخرج عليه جماعة حتى وصل ملازموه نحو مائة، منهم