كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 1)

الشامخ وشيخه الجديد حديثا ملؤه الإعجاب والإجلال، لأنه حديث الأرواح ونجوى القلوب. أما الأزهر فهو الأزهر كما يعرفه الخاصة والعامة وكما يعرفه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها وكما تعرفه الأجيال الغابرة والأجيال الحاضرة. . هو محط الرحال، وكعبة الآمال، ومجمع الدين والعلم والأدب ومفخرة مصر والشرق والعرب، هو قلب الإسلام الخافق ولسانه الناطق، وعلمه المرفوع، هو تلك الجامعة العظيمة التي أضفى عليها الزمان ثياب الجلال وأسبل عليها الخلود ستور الجمال، فحفظت للإسلام مكانته ورفعت للدين رايته ومدت على العربية ظلها الممدود، وحملت لواءها المعقود، وخرجت أئمة الهدى ومصابيح الحكمة وشعت منها أشعة النور في كل بقعة ومكان-فالأزهر هو دعامة الأخلاق وحصن الفضيلة ومفخرة القاهرة وصرح مصر الخالدة، بل هو معجزة الدهور وآية القرون. . وما دام للأزهر وجود فله رسالة في الحياة تضارع في جلالها رسالة الأنبياء ووحي المرسلين، وإن استمدت آيتها من آيتهم، وهديها من هديهم.
رسالة الأزهر هي العناية بنشر الدين، والسهر على مصالح المسلمين، وإحياء الأخلاق الفاضلة، وإقامة المبادىء العادلة التي جاء بها القرآن الكريم، وإيقاظ الشرق الراقد من غفلته، ليكون مهبط الوحي ومبعث النور ومصدر الهداية ورسول الحضارة، وقائد العالم كما كان الأزهر في أيامه الماضية.
وإذا كان للأزهر مكانة وجلالة ومهمة ورسالة، فله رئاسة جليلة نصبها الإسلام عنه وكيلا وأقامها الأزهر له كفيلا، فالتفت حولها القلوب، وشايعتها الأرواح وآوى اليها الخائف والمظلوم والمكروب.
ولقد أدت مشيخة الأزهر للشرق والإسلام خدمات جليلة، فحفظت تراث السالفين وسهرت على تهذيب الناشئين، وأطفأت نار الشك ببرد اليقين.
ولما طفر التعليم المدني في مصر أقبل عليه الناس وجحدوا

الصفحة 266