قبل كل طالب من أقاصي الأرض بعد أن ذاع صيته في الآفاق. وذكر المقريزي أن أول ما درس في الأزهر الفقه الفاطمي على مذهب الشيعة، فإنه في صفر سنة 365 ه جلس قاضي مصر «أبو الحسن علي بن النعمان ابن محمد بن حيون» وأملى مختصر أبيه في الفقه على أهل البيت، ويعرف هذا المختصر بالاقتصار، وكان جمعا عظيما أثبتت فيه أسماء الحاضرين. . فكان الأزهر على ذلك ظل معطلا منذ افتتاحه أربع سنوات من التدريس حتى جاء صفر سنة 365 ه وافتتحت الدراسة فيه باجتماع عظيم حضره كثيرون، وقيدوا أسماءهم.
واستوزر (المعز) وابنه (العزيز) من بعده الوزير يعقوب بن كلس، وهو يهودي الأصل ثم أسلم، ولعل الخليفة تخيره لما اشتهر عن اليهود من الحذق في الدعاية وإتقانها، وقد نشط الوزير فألف كتابا في الفقه، يتضمن ما سمعه من الخليفة المعز وابنه من بعده. وهذا الكتاب مبوب على أبواب الفقه الفاطمي، وكان يقرؤه على الناس، وكان يجلس بنفسه يوم الجمعة يقرأ على الناس في مجلس خاص به مصنفاته كما يجتمع يوم الثلاثاء بالفقهاء وجماعة المتكلمين وأهل الجدل.
قام المعز بتأسيس الأزهر إذن، واستوزر ابن كلس وعمل على استجلاب أكابر العلماء، وأوعز اليهم تدريس الفقه الفاطمي، ولم تقتصر هذه الدعوة في اتجاهها على هذه الناحية فقط، بل هناك ناحية سرية كان يقوم بها (داعي الدعاة) وأعوانه، من قبل الحكومة، ليبثوا تعاليم الشيعة ومبادئهم ودعوتهم من طريق السر والخفاء أحيانا ومن الجهر والعلانية في غالب الأحيان. وكان لهذا الداعي مجلس يفرده في الأزهر للنساء، وهذه الدعوة كما يقول المقريزي وضعوا فيها الكتب الكثيرة، وصارت علما من العلوم المدونة، ثم اضمحلت وذهبت بذهاب أهلها.
سلك الفاطميون في دعوتهم طريق الجهر ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وسلكوا الخفاء والتستر إذا أعوزتهم الحاجة، وكانوا يدرسون الفقه