علفتها تبنا وماء باردا.
وقد قال اللغويون: إن علف هنا مضمّن معنى أطعم، وكلاهما متعد.
وكان بيته محجة أولى العلم ينهلون من مورده العذب، ويجدون ما طاب من حديث في دقائق العلم ممزوجا بفكاهة حلوة وطيب سمر، وكان الشيخ طيب النفس بعيدا عن التزمت مؤنسا للجليس لا يمل مجلسه. وفي يوم الجمعة الذي توفي بعده اجتمع الشيوخ عنده عقب الصلاة فجرى البحث في تفسير قوله تعالى: «إِنّا عَرَضْنَا اَلْأَمانَةَ عَلَى اَلسَّماواتِ وَاَلْأَرْضِ».
وأفاض الشيخ في الحديث فيها، وكان الشيخ يفسح الكلام لمن يتكلم ويعقب برأيه السديد.
ولقد طويت صفحات خالدة من تاريخ الأزهر الحديث بوفاة الأستاذ الأكبر الشيخ إبراهيم حمروش شيخ الأزهر الأسبق، فقد عاصر رحمه اللّه مدرسة محمد عبده في الإصلاح الديني، واشترك في نشاطها، وكان أحد أقطابها، وكان الإمامان المراغى وحمروش يمثلان عنصر الشباب في هذه المدرسة التي تتجه بكل كفاحها إلى خلق بيئة دراسية مستقرة في الأزهر، وتكوين أجيال من الشباب المثقفين ثقافة واسعة تحيط بشتى علوم الشريعة والعربية، وتتمثل فيهم رسالة رجل الدين الروحية والعلمية. . وكان حمروش يمثل الجانب العلمي لهذه المدرسة خير تمثيل، في دروسه وهو شاب مكافح، وفي توجيهه للتعليم في الأزهر وهو فيه مفتش فشيخ معهد فعميد لكلية اللغة وعضو في جماعة كبار العلماء فرئيس للجنة الفتوى، وفي ندواته الليلية الدائمة في منزله في القلعة وقد كان كعبة العلماء والمفكرين، حيث كانت تعرض أمامه مشكلات الدين والثقافة فيفتي فيها برأي سديد، وحكمة نافذة، تعد خير توجيه لرواد مجلسه، ولم تحل مهامه الإدارية حين تولى مشيخة الأزهر الشريف في أكتوبر عام 1951 حتى نوفمبر عام 1952 وبين عقد هذه الندوة كما كانت من قبل.