كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 1)

الإقليم الذي نشأت فيه، وإلى الأمل الذي تنتسب إليه». . . «أما شخصيتها المعنوية فهي ترجع إلى روابطها القلبية والعقلية والشعورية، وعلى قدر ما يكون لها من التأثر بتلك الروابط المتفاعلة والحرص عليها وعلى معارفها التي تكونها، وعلى الإيمان بمصدر تلك المعارف. . . يكون لها بين الأمم من آثار الوجود المعنوي».
وكتب عن الصلاة في فصل من فصول «الإسلام عقيدة وشريعة»، فقال عنها: «إنها العنصر الثاني من عناصر الشخصية الإيمانية».
وعلى هذه الوتيرة كانت كلمة «الشخصية» تتردد في أحاديثه للدلالة على قوام كل «وجود» حتى يتميز به عقل الإنسان وضميره في حياته الروحية، وهي لمحة من لمحات التعبير الباطني تدل على معناها وتدل مع هذا المعنى على مقدار شعوره بكرامة الشخصية واقترانها بحق الإنسان وواجبه وبالتبعة التي تناط بها الحقوق والواجبات، وتقرر له موقفه من الشخصيات الإنسانية الأخرى في إبداء الرأي والاضطلاع بأعباء الدعوة والإقناع.
هذه واحدة من خصال العقل المجتهد، بل هي أولى تلك الخصال في كل ترتيب لكفايات المجتهدين. من كان له رأي وعلم ولم يكن له نصيبه الأوفي من هذه الخصلة فلا سبيل له إلى الاجتهاد، لأنه يلقى العائق الأول عن أداء وظيفة الاجتهاد من قبل نفسه، ويحجم عن العمل في سبيله قبل أن يصده غيره عن تلك السبيل.
وتلك هي الخصلة التي توافرت للأئمة الأسبقين من أصحاب الرأي والقياس في الشريعة، وبفضل الثقة التي كانت تملأ نفوسهم، من هذه الخصلة كانوا يقولون لمن يستكثر عليهم التعقيب على أهل العلم من الصحابة والتابعين: إنهم رجال ونحن رجال.
وإذا اجتمع الاجتهاد في كلمات معدودات صح أن يقال إنه هو القدرة على الرجوع إلى روح القرآن الكريم، أو أنه بعبارة أخرى تفسير

الصفحة 340