كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 1)

والتاريخ والأدب والطب والكيمياء والفلك وغيرها. وقال ابن أبي طي بعد ما ذكر استيلاء صلاح الدين على القصر «و من جملة ما باعوه خزانة الكتب، وكانت من عجائب الدنيا، ويقال إنه لم يكن في جميع بلاد الإسلام دار كتب أعظم من التي كانت بالقاهرة في القصر» 1. وكان بدار الحكمة مكتبة أخرى يرجع إليها الأساتذة والطلاب، وبها عدد كبير من الكتب الفلسفية والرياضية والروحانية وغيرها مما يتصل بدروس الحكمة 2.
وكانت في الواقع خلفا لمكتبة الاسكندرية الشهيرة. وكان للجامع الأزهر مكتبة خاصة به، وكانت المساجد الجامعة تزود في هذه العصور بمجموعات من الكتب ولا سيما كتب الحديث والفقه. ولكن يوجد ثمة ما يدل على أن الأزهر كان له من خزائن الكتب نصيب حسن، وكانت له مكتبة كبيرة ذات أهمية خاصة، فإن ابن ميسر يقول في أخبار سنة 517 ه‍ إنه قد أسند إلى داعي الدعاة أبي الفخر صالح منصب الخطابة بالجامع الأزهر مع خزانة الكتب 3؛ وإسناد الإشراف على خزانة الكتب إلى داعي الدعاة، وهو أكبر رئيس ديني بعد قاضي القضاة، دليل على قيمتها وأهميتها.
وكان في مقدمة الأساتذة المدرسين في الأزهر بنو النعمان قضاة مصر، فكان القاضي أبو الحسن علي بن النعمان أول من درس بالأزهر، وكان فوق تضلعه في فقه آل البيت أديبا شاعرا، وتوفي سنة 374 ه‍، ودرس بالأزهر أيضا أخوه القاضي محمد بن النعمان المتوفى سنة 389 ه‍، ثم
__________
1) الخطط ج‍ 2 ص 253 - 255. ولعله لم يفق المكتبة الفاطمية في ضخامتها سوى مكتبة قرطبة الشهيرة التي بلغت ذروتها في عهد الحكم المستنصر باللّه. وقدر ما بها يومئذ من الكتب بستمائة ألف مجلد.
2) الخطط ج‍ 2 ص 254، و334.
3) أخبار مصر لابن ميسر ص 64

الصفحة 60