ثياب الحرير الأبيض الساذجة توقيرا للصلاة، ويدخل من باب الخطابة، وبين يديه القراء يتلون منذ خروجه من القصر، ومن حوله الجند والركابية. وإذا كانت الصلاة بالجامع الأزهر فإنه يخرج في موكبه إلى الجامع من باب الديلم الذى غدا باب المشهد الحسيني فيما بعد، ويعبر «الخوخ» (الدروب) السبع إلى رحبة الجامع الأزهر، وكانت هذه الرحبة ساحة ساشعة تقع في الجهة البحرية من الجامع، وكان يحتشد فيها الجند كلما قصد الخليفة إلى الأزهر، ثم يدخل الخليفة الجامع من بابه البحري، ويجوز إلى الدهليز الأول الصغير، ومنه إلى القاعة المعلقة التي كانت برسم جلوسه فيجلس في مجلسة، وترخى المقرمة الحرير وتحفظ المقصورة من خارجها بترتيب أصحاب الباب واسفهسلار الجند، ومن الداخل حتى الباب بصبيان الخاص وغيرهم. ويقرأ المقرئون وتفتح أبواب الجامع حينئذ للناس بعد غلقها، ووضع الحجاب عليها قبل مقدم الخليفة، وتتخذ الأهبة منذ الصباح لاستقباله، فيأتي صاحب بيت المال وبين يديه الفرش المختص بالخليفة محمولا بأيدي الفراشين المميزين، ملفوفا في العراضي الديبقية، فيفرش في المحراب ثلاث طراحات فاخرات واحدة فوق أخرى، ويعلق ستران يمنة ويسرة يكتب في أولهما بالحرير الأحمر سورة الفاتحة وسورة الجمعة، ويكتب في الستر الثاني سورة «المنافقون» كتابة واضحة، فإذا استحق الأذان أذن مؤذنو القصر كلهم على باب مجلس الخليفة، وعندئذ يصعد قاضي القضاة إلى المنبر وفي يده مدخنة لطيفة من الخيزران يقدمها صاحب بيت المال وفيها ند خاص بالخليفة، ويبخر بها أعلى المنبر وهو يقبل درجاته. ثم يدخل مقصورة الخليفة مسلما بقوله: «السلام على أمير المؤمنين الشريف-القاضي- الخطيب ورحمة اللّه وبركاته «الصلاة يرحمك اللّه». فيخرج الخليفة وحوله الأساتذة المحنكون والوزراء والأمراء والحرس المسلح، ويصعد إلى أعلى المنبر تحت القبة المبخرة، ويقف الوزير بباب المنبر ووجهه إليه، فإذا جلس أشار إلى الوزير بالصعود فيصعد إليه ويقبل يديه ورجليه