كتاب الأزهر في ألف عام (اسم الجزء: 1)

المقدّمة

الأزهر في مقدمة الجامعات العلمية التي سارت مع التاريخ أجيالا طوالا، فهو أطولها عمرا، وأجلها أثرا في تاريخ الفكر العربي والإسلامي؛ وإن ألف سنة أو تزيد، قضاها الأزهر الجامعي، وشاهد أحداثها الضخمة، واشترك فيها في هذه الأحداث مؤثرا وموجها وبانيا؛ لتاريخ ممعن في الطول، لا يمكن استيعاب حياة جامعة علمية لم تدون أخبارها فيه، إلا بمشقة وعسر وجهد وإرهاق شديد. . ولم تعمر في الشرق جامعات علمية غير الأزهر في القاهرة، والزيتونة في تونس. .
ولكن الأزهر ينفرد بضخامة ما أحدث من آثار في تاريخ العرب والمسلمين، من شتى النواحي الروحية والثقافية والفكرية والسياسية والقومية والاجتماعية، بل والاقتصادية كذلك.
والأزهر-طول عصور التاريخ-حارس التراث العربي، ومجدد الثقافة الإسلامية، والمشعل الذي يضيء ولا يخبو، والملاذ الذي تهوي إليه أفئدة المسلمين من كل مكان، والضوء ينير لهم الطريق، ويبصرهم سواء السبيل. . . والأزهر اليوم يتدثر برداء هذا المجد الخالد، وذلك التاريخ القديم المجيد، وإن كان قد أصبح وئيد الأثر والتأثير في حياة الناس، في المادية المظلمة التي يعش فيها عصرنا الحاضر، وسار وراء المتنافسين في ميدان التجديد والابتكار واليقظة الفكرية، وقيدته أغلال ثقيلة من الركود وفقدان الحيوية، وأساءت إلى سمعته بين الناس التيارات

الصفحة 9