كتاب شرح أبيات سيبويه (اسم الجزء: 1)
يردد، كأن الغبار يرتفع مرة في الهواء مستويا، ومرة يميل في جانب، على حسب ما تميله الريح.
فأوردها: يعني العير أورد الأتن إلى الماء، والأتن تتبع العير إذا مضت إلى الماء، فإذا وردت تقدم العير، فإذا أدخل قوائمه في الماء اتبعه. فأوردها: يعني العير أورد الأتن العراك، كأنه قال: أوردها عراكا. و (عراكا) في موضع معتركة، والمعتركة التي يزحم بعضها بعضا. يريد أن العير أرسل الأتن مرة واحدة، ولم يطردها عن الماء يخاف القصاص، ولم يذدها: لم يطردها. وأراد أن العير يورد الأتن دفعة وليس كالرعاء الذين يدبرون أمر الإبل، فإذا وردت الماء جعلوها قطعا، وأوردوها قطعة قطعة إلى الماء حتى تروى، ولو أوردوها دفعة واحدة لزاحم بعضها بعضا وهدمت الحوض ولم ترو من الماء. والدخال في شرب الإبل: أن ينظر الذي أورد الإبل الماء إلى الإبل التي وردت أول شيء، فإن كان فيها بعير ضعيف أو عليل أو قليل الصبر عن الماء، سريع العطش، أو بعير كريم يحب أن يؤثره بكثرة الشرب؛ أدخله مع القطعة الثانية من الإبل التي وردت، فيكون هذا البعير قد شرب مرتين: مرة مع الأولى، ومرة مع الثانية.
وهذا معنى الدخال: أن يداخل بعير قد شرب مرة أي الإبل التي لم تشرب بعد حتى يشرب معها.
والنغص: بصاد غير معجمة على وزن جبل، زعموا إنه لم يشفق على أن ينغصها، والتنغيص: العجلة. وعندي إنه يريد أن بعضها يزحم بعضا حتى لا يقدر أن يتحرك لشدة الازدحام، فهو واقف مزحزم لا يتمكن من الحركة.
ويروى: على نغص الدخال، بضاد معجمة على وزن كعب، وهو التحرك وإمالة الرأس نحو الشيء. يريد أنها تميل أعناقها إلى الماء في الدخال بشدة وتعب. وفي (يشفق) ضمير يعود إلى العير.
الصفحة 17
400