كتاب الترغيب والترهيب لقوام السنة (اسم الجزء: 1)

1012- قال: وثنا عبد الله، ثنا ابن حميد، ثنا جرير، عن الفضيل بن غزوان، قال: قال الحسن البصري –رحمه الله-:
((من قال: إني أحب الجنة فقد كذب، لو أحب الجنة لعمل بعمل أهل الجنة)) .
1013- قال: وثنا أبي، ثنا إسحاق بن أبي إسرائيل، ثنا عثمان بن اليمان البصري، ثنا عبد الله بن يزيد العقيلي، عن رجل يقال له: عوسجة قال:
((أوحى الله –تبارك وتعالى- إلى عيسى –عليه السلام- يا عيسى لو رأت عينك ما أعددت لعبادي الصالحين لذاب قلبك وزهقت نفسك اشتياقاً إليه)) .
1014- قال: وثنا أبي، ثنا سلمة، ثنا إسحاق، قال: سمعت فضيل بن عياض، عن أبي سهل، عن الحسن قال:
((ما حليت الجنة لأحد ما حليت لهذه الأمة، ولا أرى لها عاشقاً)) .
1015- قال: وثنا أبي جعفر، ثنا سليمان بن داود، ثنا الربيع بن نافع، ثنا محمد بن مهاجر عن عروة بن رويم اللخمي، عن -[549]- رجاء بن حيوة قال:
((كنت جالساً عند عبد الملك بن مروان فأتاه خالد بن يزيد فجلس وقال: خرجت في حاجة لي وأخذت على الجزيرة، وإذا في بعض نواحيها جماعات من قسيسين ورهبان وشمامسة فقلت: لو ملت إلى هؤلاء، ونظرت ما جماعتهم وكان معنيًّا بالعلم قال: فأتيتهم فسألتهم، فأخبروني أن سائحاً يأتيهم في كل سنة مرة واحدة في هذا اليوم فنجتمع فيعلمنا ويذكرنا قلت: وأين هو؟ قال: في تلك الجماعة، فأتيتهم فلما نظر إلي قال: أما إنك لست منهم، من أنت؟ قلت: من المسلمين قال: من أمة محمد؟ قلت: نعم. قال: فمن علمائهم أنت أو من جهالهم؟ قلت: ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم. قال: تقولون: إنكم في الجنة تأكلون وتشربون ولا تتغوطون ولا تبولون؟ قال: قلت: نعم. إنا نقول ذلك وهو كذلك. قال: فإن لذلك مثلاً في الدنيا فما هو؟ قلت: الولد في الرحم يسوق الله تعالى إليه رزقه فيأكل ويشرب ولا يتغوط ولا يبول فاربد وجهه وقال: ألست زعمت أنك لست من علمائهم؟ قلت: نعم. قال: تزعمون أنكم تأكلون في الجنة وتشربون، ولا ينقص ذلك من ثمارها شيء؟ قلت: نزعم ذلك وهو كذلك، قال: فإن لذلك مثلاً في الدنيا فما هو؟ قلت: الرجل يعلمه الله القرآن فيعلمه من آتاه من الناس لا ينقص ذلك من القرآن ولا من الرجل شيئاً. فاسود وجهه وقال: ألست تزعم أنك لست من علمائهم؟ قلت: بلى، قال: ثم أقبل على أصحابه فقال: إن هؤلاء فتح لهم في العمل والدعاء ما لم يفتح لأحد من الأئمة ثم التفت إلي فقال: أليس فيما ترون عليكم من الحق أن تقولوا: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات؟ فقلت: نعم. فقال: فإنه لا يبقى مؤمن ولا مؤمنة ولا مسلم ولا مسلمة ولا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا حملة العرش ألا أدركته منه حسنة قال: وترون من الحق عليكم أن -[550]- تقولوا: السلام علينا من ربنا وعلى عباد الله الصالحين؟ قلت: نعم. قال: فإنه ما أخذ من عمل آدم –عليه السلام- إلى أن تقوم الساعة من عبد صالح من ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا حملة العرش إلا أدركته منه حسنة، ثم قال: إن لذلك مثلاً فما هو؟ قلت: الرجل يمر بالعشرة فيسلم عليهم فيردون عليه بأجمعهم السلام وعلى المائة مثل ذلك وعلى الألف مثل ذلك وأكثر من ذلك فقال: ما رأيت الذي هو أعلم منك ثم قال: هل يقوم اليوم منكم لابن القرن طفل من أطفاله فيضرب ظهره ويشتم عرضه ولا يغير ذلك عليه ولا ينكر؟ قلت: نعم قال: هذا حين رق دينكم وآثرتم دنياكم على آخرتكم وعصيتم ربكم)) .
قال أهل العلم: ابن القرن: ابن ستين سنة وقيل ابن سبعين سنة.

الصفحة 548