كتاب الأصول في النحو (اسم الجزء: 1)

اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} 1. ومن هذا قول النبي, صلى الله عليه وسلم: "أرأيت من لا أكل ولا شرب ولا صاح فاستهل" أي: من لم يأكل ولم يشرب يعني الجنين. فإذا قلت: والله أفعل ذاك, فمعناه: لا أفعل, فلو قلت: والله أقوم تريد: لأقومنَّ كان خطأ؛ لأنها حذفت استخفافًا لاستبداد الإِيجاب باللام والنون, ولهذا موضع آخر يذكر فيه, ويكون في موضع/ 467 "ليس" وقد مضى ذكرها, وقد تكون "لا" مؤكدة كما كانت "ما" في قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} 2 و"مما خطاياهم"3. فمن ذلك قوله: {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} 4.. إنما هو: فأقسم, يدلك على ذلك قوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} 5.. وكذلك قال المفسرون في قوله: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} 6 إنما هو: أُقسم, فوقع القسم على قوله: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} 7. قال أبو العباس: فقيل لهم في عروض ذلك: أن الزوائد من هذا الضرب إنما تقع بين كلامين أو بعد كلام كقولك: جئتك لأمرٍ ما, فكان من جوابهم: أن مجاز القرآن كله مجاز سورة واحدة بعد ابتدائه, وأن بعضه متصل ببعض, فمن ذلك قوله: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ} 8. وقوله: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ} 9, وإنما هو:
لا تستوي الحسنة والسيئة, ومعناه ينبئك عن ذلك/ 468 إنما هو: لا تساوي الحسنة السيئة.
__________
1 البلد: 10, 11، والآية: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ, فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} .
2 آل عمران: 159.
3 نوح: 25 قال شعيب: قرأ أبو عمرو بن العلاء المازني البصري: "مما خطاياهم" مثل قضاياهم، وقرأ الباقون: "خطيئاتهم".
4 المعارج: 40.
5 الواقعة: 76.
6 القيامة: 1.
7 القيامة: 17.
8 الحديد: 29. وانظر: الكتاب 2/ 306. والمقتضب 1/ 47.
9 فصلت: 34.

الصفحة 401