كتاب آثار ابن باديس (اسم الجزء: 1)

لاختلافها في الفروع والانساب. قرة الأعين: بردها إن كانت من القر وهو البرد. وسكونها إن كانت من القرور، بمعنى الاستقرار، الإمام: هو المتبع المقتدى به وأفرد لأن المراد به الجنس، وحسن الافراد من جهة اللفظ لوقوعه فاصلة على وزان ما قبلها وما بعدها ومن جهة المعنى، أن أئمة الهدى كنفس واحدة لاتحاد طريقتهم بالسير على الصراط المستقيم واتحاد وجهتهم بالقصد إلى الله تعالى وحده.

التراكيب:
قرة أعين: تركيب كنائي، فإذا كان القرة من القر فهو كناية عن السرور، لأن العين في حالة السرور باردة، وإذا سَالَتْ منها دموع في حالة الفرح كانت باردة، وإذا كان الإنسان في حالة حزن فالعين تكون سخنة بسبب ثورة النفس وآلامها التي تثير الحرارة، فإذا سَالَتْ منها دموع الحزن كانت سخنة ومما يقال على هذا أقر الله عين المحق وأسخن عين المبطل وجاء عليه قول أبي تمام (1):
فَأَمَّا عُيُونُ الْعَاشِقِينَ فَأُسْخِنَتْ ... وَأَمَّا عُيُونُ الشَّامِتِينَ فَقَرَّتْ
فقرة أعينهم على هذا كناية عن سرورهم بأزواجهم وذريتيم، بما يرونهم عليه من الخير والكمال، وإعانتهم لهم عليهما. وإذا كانت القرة من القرور فهي كناية عن سكون النفس بحصولها على ما يرضيها من الأزواج والذرية، ومعنى هذا أن النفس إذا لم تحصل على ما يرضيها تعلقت بما عند غيرها وتشوقت إليه، فتمتد إليه العين ويطمح إليه
__________
(1) من قصيدة يمدح حبيش بن المعافي قاضي نصيبين ورأس العين مطلعها:
نُسَائِلُهَا أَيَّ الْمَوَاطِنِ حَلَّتِ ... وَأَيَّ دِيَارٍ أَوْطَئَتْهَا وَأَنَّتَ

الصفحة 493