كتاب آثار ابن باديس (اسم الجزء: 1)

رأيه إلى شخصية الشيخ عبد الحميد بن باديس العظيمة، لأنه استطاع أن يجعل اشعاعه ينفذ إلى أعماق الضمير الشعبي، هذا في بداية الأمر حيث كانت الحركة تنطوي على جذوة روحية، وروح صوفية. ولكن ما لبثت- كما أشرنا من قبل- أن أضحت تكون متخصصين بارعين أكثر مما تعمل على تكوين دعاة مخلصين (1)!
ويقول بهذا الصدد: إن مخلفات إنسان ما بعد الموحدين، وما تنطوي عليه من أعباء وتقاليد من ذرِّبة في التفكير، وتزمت ونزوع إلى المدح، والجدل والحرفية والتحليق في الخيال، هذا كله يحتاج إلى فكر ثوري كفكر جمال الدين يهدم ويبني على أساس منهج مرسوم. ويرى أستاذنا مالك بن نبي أن الشيخ عبد الحميد بن باديس قد قام بتلك الثورة الفكرية على أحسن وجه، وبدَّد ما كان مخيماً على الجزائر من تقاليد ثقيلة تتمثل في تلك الطرق الجامدة المخدرة للشعب (2).
ومن الملاحظات الدقيقة التي سجلها على الحياة العلمية والفكرية في الجزائر أنها تعتبر بمثابة الزينة والترف، ومن ثمَّ فإن الفكر لم يكن إيجابياً ذا فعالية وحركة (3) وفكرة الفعالية من الأفكار الأساسية في فلسفة مالك بن نبي الإجتماعية. وهناك أمراض نفسية أصيبت بها النخبة في شمال إفريقيا، منها مرضان أساسيان وهما: إما النظر إلى الأشياء على أساس أنها في غاية "السهولة" وإما النظر إليها على أنها "مستحيلة" وكلا النظرتين تؤدي إلى نتيجة خطيرة هي إما الشلل وإما السلوك الأعمى (4).
__________
(1) ن. م. ص 175
(2) ن. م. ص 59.
(3) ن. م. ص 93.
(4) ن. م. ص 94

الصفحة 69