كتاب آثار ابن باديس (اسم الجزء: 1)

لم يغفل المستشرق الإنجليزي جيب في كتابه "الإتجاهات الحديثة في الإسلام" الحركة السلفية الإصلاحية في الجزائر فتحدث عنها، وجعلها بمثابة التابعة لمباديء أصحاب مجلة المنار العاملة على نشرها، وعلى معارضة أصحاب الطرق، ويقول بصفة خاصة: "وذهب الجزائريون إلى أبعد مما ذهبت إليه جماعة المنار لأنهم بدأوا بالإضافة لدعايتهم المطبوعة والشفوية، في إحياء المدارس القرآنية "البدائية" في جميع أنحاء البلاد للتأثير على الجيل الصاعد، وقد تكلَّلت مساعيهم بالنجاح الكبير، إذا أخذنا بعين الإعتبار الحواجز التي صادفوها في طريقهم (1) ولكن جيب يلاحظ بهذا الصدد أن "مستقبل الجمعية (2) أصبح مظلماً بعد وفاة عبد الحميد بن باديس عام 1940" (3).
والعملية النقدية ضرورية في أية حركة تقوم على منهج ونظام، يهدف إلى تحقيق أهداف معينة، وإلى تسجيل غايات في الواقع التاريخي، وهذا ما عمل أستاذنا لتنبيه الأذهان إليه، لأنه اكتشف عيوباً منهجية في داخل الحركات الإسلامية الحديثة، أدت في كثير من الأحيان إلى الفشل. فرغم توفر الطاقات والإمكانيات النفسية والعقلية، إلا أنها تسطو عليها عملية التبديد، لعدم وجود عنصر التوجيه والضبط الذي يتيح لها ويضمن بلوغ الغاية المرسومة.
وأغلب من يكتب عن تاريخ الحركات الإصلاحية أو عن تاريخنا الحديث لا يحاول أبداً أن يوجه نقداً وإنما يسلك مسلكاً أقل ما يقال
__________
(1) هـ. أ. جيب، الإتجاهات الحديثة في الإسلام بيروت 1961 ص 64 من الترجمة العربية.
(2) جمعية العلماء المسلمين التي تأسست 5 ماي 1931 في نادي الترقي بعاصمة الجزائر واتفق المجتمعون على أن يتولى عبد الحميد بن باديس رئاستها وهو غائب عن ذلك الاجتماع.
(3) ن. م. ص. ن. ص

الصفحة 70