كتاب آثار ابن باديس (اسم الجزء: 1)

والإحترام مع كل أحد من أي جنس كان، ومن أي دين كان، فاعملوا للأخوَّة ولكن مع كل من يعمل للأخوَّة، فبذلك تكون الأخوَّة صادقة" (1). وهو صحفي قدير يقضي ليله في إعداد المقالات وقراءة الجرائد والمجلات العربية الآتية من جميع البلاد العربية والإسلامية، والأجنبية المكتوبة باللغة الفرنسية (2) ويعلق عليها ويرد، ويناقش ويكتب في أصول السياسة الإسلامية. وهو مؤرخ يحلل الحضارة، وينقد مقدمة ابن خلدون، ويدرس آيات القرآن وما تنطوي عليه من الدعوة إلى النظر في تجارب الأمم وتطورات الأحداث، وما تخضع له من سنن وقوانين لا تبديل لها ولا تحويل، وهو صوفي زاهد لا كمتصوفة أهل زمانه وزهادهم، متأثر بالغزالي ويسمى كتابه "إحياء علوم الدين" بكتاب الفقه النفسي وبأبي بكر بن العربي الذي نبهه إلى كتابه "العواصم من القواصم" شيخه اللامع محمد النخلي القيرواني فاستنسخه وحققه وطبعه. ويظهر تأثير أبي بكر بن العربي في كتابه "العقائد الإسلامية" الذي لم يسلك فيه مسلك الفلاسفة ولا منهج المتكلمين وإنما نهج طريق القرآن في الإستدلال، وأساليبه في الرد والحجاج، ذلك المنهج الذي يتلاءم مع الفطرة الإنسانية فتستجيب له وتطمئن إليه وتميل نحوه وتركن. يعتقد أن المدارك الإنسانية التي تمتاز بقوة التحليل والتركيب هي التي تجعلها تتغلب على الطبيعة
__________
(1) كلمات قالها في حفل اختتام تفسير القرآن للشباب الفتي ولكشافة الرجاء ولجماعة التربية والتعليم الإسلامية في كلية الشعب بقسنطينة مساء الثلاثاء13 ربيع الثاني 1357هـ 1938م أنظر ج7 م 15، ص 346.
(2) كان يطالع الصحافة الفرنسية روى الأستاذ محمد الصالح رمضان أنه كان يشتري جريدة لاديبيش دي قسطنطين وقيدت عنه هذا في محاضرة ألقاها في نادي اتحاد الطلبة الجزائريين إحياء لذكراه بتاريخ 24 ذي الحجة 1385 - 16 أفريل 1966 ومع ذلك فإنه لا يتحدث بها

الصفحة 92