كتاب آثار ابن باديس (اسم الجزء: 1)

نفسه ولا على جسمه، ولم يبال بصحته في سبيل مبدأ أعظم، وأمة يسوءه حالها، ويدمي نفسه إحتلالها ويدفعه للبذل والسهر مآلها، وآماله وآمالها، أفنى ذاته في سبيل عقيدة، وقضى من أجل رسالة، فجاءه الأجل المحتوم وانتقل للرفيق الأعلى في مساء الثلاثاء 8 ربيع الأول 1359هـ 16 افريل 1940م فتحركت قسنطينة بأكملها لتشييع جنازته، وكان يوماً مشهوداً في ظروف قاسية وأزمة عالمية تمثلها
حرب طاحنة ودفن (1) في روضة أسرته بحي الشهداء قرب مقبرة قسنطينة.
__________
(1) كتب على قبره ما يلي:
س 1 الله اكبر.
س 2 هنا يرقد العلامة الجليل الأستاذ الإمام الشيخ عبد الحميد.
س 3 ابن باديس باعث النهضة العربية في الجزائر وزعيمها المقدام توفي.
س 4 مساء الثلاثاء8 ربيع الأول، 16 أفريل سنة 1359هـ/1940م رحمه الله ورضي عنه.

شعر
يا قبر طبت وطاب فيك عبير ... هل أنت بالضيف العزيز خبير
هذا ابن باديسى الإمام المرتضى ... عبد الحميد إلى حماك يصير
العالم الفذ الذي لعلومه ... صيت بأطراف البلاد كبير
بعث الجزائر بعد طول سباتها ... فالشعب فيها بالحياة بصير
وقضى بها خمسين عاما كلها ... خير لكل المسلمين وخير
ومضى إليك تحضه بثنائها ... وإليه من بين الرجال تشير
عبد الحميد لعل ذكرك خالد ... ولعل نزلك الجنة حرير
ولعل غرسك في القرائح ... مثمر ولعل وريك للعقول منير
لا ينقضي حزن عليك مجدد ... وأسن له بين الضلوع سعير
نم هادئا فالشعب بك راشد ... يختط لهجك في الهدى ويسير
لا تخش ضيعة ما تركت لنا سدى ... فالوارثون لما تركت كثير
نفحتك من نفحات ربك نفحة ... وسقاك غيث من رضاه عزيز
1959هـ.

الصفحة 95