كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ت العثيمين (اسم الجزء: 1)
{أُمَّةٍ} أى: بعد حين، وقرأ ابن عبّاس: «بعد أمه» أى: نسيان؛ لأنّه ادّكر بعد مدة. لأنّ (¬١) محمدا صلّى الله عليه وسلم قد عجب مما أعطاه الله من الفضل وسخر منه المشركون. وقد عجب الله تعالى من عظيم ما نال المشركون من الله، وقد قال الله تعالى: {إِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ} (¬٢) وقوله تعالى: «بل عجبت» و {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ} (¬٣) ، وقد روى عن النّبى صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «عجب ربّكم من ألّكم وقنوطكم» (¬٤) .غير أن العجب من الله تعالى بخلاف ما يكون من المخلوقين، كما أن المخادعة والمكر والحيلة والنّسيان منه على خلاف ما يكون منا، ومعنى ألّكم: الضّجيج ورفع الصّوت بالدّعاء. فالألّ: رفع الصّوت والألّ: سرعة المشي، والألّ: مصدر أله بالحربة ألاّ، والحربة يقال لها: الألّة.
وحدّثنى أحمد بن عبدان المقرئ، قال: حدّثنا على بن عبد العزيز، عن أبي عبيد، قال: سمعت الكسائى يخبر عن زائدة عن الأعمش عن شقيق بن سلمة، قال: قرأت عند شريح (¬٥) : «بل عجبتُ» فقال: إنّ الله لا يعجب
---------------
(¬١) يبدو أنّ نقصا وقع فى هذا النصّ ذكر فيه المؤلف اختلافهم فى قراءة بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ يضمّ التاء وفتحها وما ذكر هنا بقية هذا التوجيه.
(¬٢) سورة الرعد: آية: ٥.
(¬٣) سورة الصافات: آية: ١٢.
(¬٤) غريب الحديث لأبى عبيد: ٢/ ٢٦٩، وأخرجه الخطابي فى غربيه: ٣/ ٢٦٠.
قال أبو عبيد: «فإن كان المحفوظ قوله: «من إلكم» بكسر الألف فإنى أحسبها: من ألكم بالفتح، وهو أشبه بالمصادر يقال: أل يؤل ألّا وأليلا وأليلا، وهو: أن يرفع الرّجل صوته بالدّعاء ويجأر فيه، قال الكميت: [ديوانه: ٢/ ٩].
فأنت ما أنت فى غبراء مظلمة ... إذا دعت ألليها الكاعب الفضل»
وفى غريب الخطابيّ: «يرويه المحدثون إلّكم- بكسر الألف- والصواب: ألّكم بفتحها؛ يريد رفع الصوت بالدّعاء».
(¬٥) هو القاضى المشهور شريح بن عبد الله الكندى قاضى البصرة.
(أخبار القضاة: ٢/ ١٨٩)
والحكاية فى تفسير القرطبى: ١٥/ ٦٩، ٧٠ .. وغيره مشهورة.