كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ت العثيمين (اسم الجزء: 1)

فذلك قوله: {بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ} [٥٥]، ويقرأ (¬١) «من القَنِطِين» ومعناهما: من الآيسين.
حدّثنا ابن مجاهد، قال: حدّثنا أحمد بن عبيد الله عن أبى خلاّد، عن حسين عن أبى عمرو «فلا تكن من القَنِطِين»، بغير ألف.

٥ - قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنَطُ‍ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ} [٥٦].
قرأ أبو عمرو والكسائيّ «يقنِط‍» -بالكسر-وهو الاختيار؛ لأنّ الماضى منه على قنط‍ بفتح النّون، فإذا كان الماضى مفتوحا لم يجز فى المضارع إلا الكسر والضمّ قنط‍ يقنط‍ ويقنط‍، وقرأ بذلك أبو حيوة (¬٢) مثل عكف يعكف ويعكف، وقد أجمعوا جميعا (¬٣) على فتح النّون من قوله: {مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا} (¬٤) ولا يجوز فتح الماضى والمستقبل إلاّ إذا كان فيه حرف من حروف الحلق نحو ذهب يذهب وسخر يسخر.
وقرأ الباقون: {وَمَنْ يَقْنَطُ‍} بفتح النّون، فإن جعلوا ماضيه قنط‍ بالكسر وإلا فهو شاذّ، والاختيار ما قدمت ذكره.
وحكى أبو عمرو الشّيبانىّ قنط‍ عنّا الماء قنطا (¬٥).
---------------
(¬١) القراءة فى تفسير الطبرى: ١٤/ ٢٨، والمحتسب: ٢/ ٤، وتفسير القرطبى: ١٠/ ٣٦، والبحر المحيط: ٥/ ٤٥٩.
(¬٢) المحتسب: ٢/ ٥، والبحر المحيط: ٥/ ٤٥٩ وهى قراءة زيد بن على والأشهب.
(¬٣) يعنى السّبعة، وإلّا فقد قرأها أبو رجاء العطاردى والأعمش والدورى عن أبى عمرو:
من بعد ما قنِطوا بكسر النون. وقرأ الخليل: من بعد ما قنُطوا بضمّ النون. العباب: ١٧٤.
وهذه الآية مستدركة على الإمام أبى جعفر أحمد بن يوسف الرّعينى فى كتابه: (تحفة الأقران فى ما قرئ بالتثليث من حروف القرآن) لأنّه ورد فى نونها الحركات الثلاث.
(¬٤) سورة الشورى: آية ٢٨.
(¬٥) قال الصّغانى فى العباب ١٧٤: «وقال ابن عبّاد: وبنو فلان يقنطون ماءهم عنا قنطا، أى:
يمنعونه».
يراجع المحيط للصاحب بن عبّاد والتاج (قنط).

الصفحة 346