كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ت العثيمين (اسم الجزء: 1)

ابن ياسر وجماعة من أهل مكّة أرادوهم على الكفر وعرضوهم على الكفر فقالوا ذلك/بألسنتهم، وقلبهم مطمئن بالإيمان، ثم أخبروا النّبي صلّى الله عليه وسلم بذلك، فأنزل الله تعالى فيهم: {إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ} والاختيار أن تجعل قراءة ابن عامر «فَتَنوا» فعلا للكفّار، أى: فتنوا المؤمنين. وتقول العرب:
فتنت زيدا، وهى اللّغة الجيّدة. وأجاز آخرون: أفتنت. والفتنة فى القرآن على (عشر أوجه؟ ) (¬١) وقد أمللتها فى إعراب (أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم).

١٨ - وقوله تعالى: {وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ} [١٢٧].
قرأ ابن كثير وإسماعيل عن نافع «فى ضِيق» بكسر الضّاد.
وقرأ الباقون بالفتح، فمن فتح أراد: ضيّق فخفف مثل ميّت وميت وهيّن وهين (¬٢).ومن كسر يجوز أن يجعله لغتين. ويجوز أن يكون الضّيق اسما، والضّيّق مصدرا. والاختيار أن تقول: الضّيق فى المكان والمنزل والضّيق فى غير ذلك. فإذا كان الأمر كذلك فالاختيار «فلا تك فى ضيق» لأنّه لم يرد تعالى ضيق المعيشة ولا ضيق المنزل. والعلة فى (النّمل) (¬٣) كالعلّة فى (النّحل).
فإن قيل: لم سقطت النّون فى قوله: {وَلا تَكُ}؟
فالجواب فى ذلك: أنّ الأصل: ولا تكون فاستثقلوا الضّمة على الواو فنقلوها إلى الكاف فالتقى ساكنان الواو والنّون فحذفوا الواو لالتقاء السّاكنين فصار لا تكن، [والموضع الذى حذفت النّون مع الواو] (¬٤)، فلأنّ النون يضارع حروف المد واللّين، وكثر استعمال كان يكون فحذفوها لذلك، ألا ترى أنّك تقول: لم يكونا، والأصل: لم يكونان فأسقطوا النّون للجزم فشبّهوا لم يك فى حذف النّون بلم/يكونا فاعرف ذلك.
---------------
(¬١) هكذا فى الأصل، ولعلها «على عشرة أوجه».
(¬٢) مجاز القرآن: ١/ ٣٦٩.
(¬٣) الآية: ٧٠.
(¬٤) كذا فى الأصل.

الصفحة 361