كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ت العثيمين (اسم الجزء: 1)
وقرأ الكسائى بالنّون وفتح الواو، كما تقول: لتدعو فعلامة النّصب فتحة الواو، وعلامة النصب فى القراءة الأولى حذف النّون.
وقرأ الباقون «ليسوءَ وجوهكم» بالياء وفتح الواو على معنى: ليسوء العذاب وجوهكم. وإنما مدّ {لِيَسُوؤُا} تمكينا للهمزة، لأنّ كلّ واو سكنت وانضمّ ما قبلها وأتت بعدها همزة فلا بدّ من مدّ فى كلمة أو كلمتين فما كان من كلمتين فنحو: {قالُوا آمَنّا} (¬١) وما كان من كلمة فنحو: تبوء بإثمه، وينوء بحمله، ويسوء زيدا، وكذلك الياء، والألف كالواو. وقد بيّنت ذلك فيما مضى أيضا.
فحدّثنى ابن مجاهد رضى الله عنه عن السّمّرىّ عن الفرّاء قال: فى قراءة أبىّ (¬٢): «ليسوأن وجوهكم» بنون خفيفة، وهى نون التّأكيد مثل:
{لَنَسْفَعاً بِالنّاصِيَةِ} (¬٣) و {لَيَكُوناً مِنَ الصّاغِرِينَ} (¬٤) وليس فى القرآن نون خفيفة وهى نون التأكيد غير هذه الثّلاثة (¬٥).فمن بنى قراءته على قراءة أبىّ يضمر فى اللاّم «كى» وليدخلوا و [تكون] اللاّم فى قراءة أبىّ «ليسؤن» لام التّأكيد/.
٣ - وقوله تعالى: {كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً} [١٣].
قرأ ابن عامر وحده «يُلقّاه» مشدّدا، جعل الفعل لغير الإنسان، أى:
---------------
(¬١) سورة البقرة: آية ١٤.
(¬٢) معانى القرآن: ٢/ ١١٧ البحر المحيط: ٦/ ١١ لنَسُوءَنْ.
(¬٣) سورة العلق: آية ١٥.
(¬٤) سورة يوسف: آية ٣٢.
(¬٥) جاء فى إعراب ثلاثين سورة للمؤلف قوله: «وليس فى القرآن نون التوكيد مخففة إلا قوله:
لَنَسْفَعاً وقوله: وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ وقد روى حرف ثالث عن الحسن: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ولا يقرأ به؛ لأن فى سنده ضعفا» وبمقارنته بهذا النصّ تكون أربعة لا ثلاثة.