كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ت العثيمين (اسم الجزء: 1)
المأبورة. والسّكة: الطّريق من النّخل، والمأبورة: المصلحة الملقحة. ولو انفردت لقيل: مؤمّرة، كما يقال: «جاء بالغدايا والعشايا (¬١) » وغد: لا يجمع على غدايا ولكن لما قارن العشايا أجرى لفظه على لفظه ليزدوج الكلام. وقال آخرون: يقال: أمر الشّئ وأمره غيره كما يقال: نزحت البئر ونزحتها. وفغر فوه وفغر عن ابن كثير. وإنما ذكرت هذا الحرف؛ لأنّ خارجة روى عن نافع/وحماد ابن سلمة عن ابن كثير «آمرنا مترفيها» بالمدّ على ما فسرت. وروى ختن ليث (¬٢) عن أبى عمرو «أمّرنا مترفيها» مثل قراءة أبى عثمان النّهدى جعله من الإمارة.
وحدّثنى ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفرّاء قال: قرأ الحسن: «آمرنا مترفيها» بكسر الميم ومدّ الألف (¬٣) وهذه رديئة؛ لأنّ (فعل) لا يتعدى عند أكثر النّحويين من أمر؛ لأنّ أمر لازم إلا أن يجعله لغتين (¬٤) فيعدى أمر كما يعدى أمر فأخبرنى ابن دريد عن أبى حاتم عن أبى عبيدة قال: لا يجوز أن يكون أمرنا، الأصل آمرنا فتحذف المدّة كما قرأ بعضهم: «ولآمرنّهم فليبتّكنّ آذان الأنعم» (¬٥) .
وحدّثنى أحمد عن علىّ عن أبى عبيد قال: الاختيار {أَمَرْنا مُتْرَفِيها}
---------------
(¬١) تخرجيه فى المصادر السابقة. وينظر: تهذيب اللّغة: ٨/ ١٧٠، قال ابن السّكيت: «إنى لآتيه بالغدايا والعشايا: أرادوا جمع الغداة فأتبعوها العشايا لازدواج الكلام، وإذا أفرد لم يجز ولكن يقال: غداة وعدوات». شرح أدب الكاتب للجواليقى: ٤٠٥. ونقل ابن جنى رحمه الله فى المحتسب: ٢/ ١٦ مثل ذلك ثم قال: «هذا قول الجماعة إلا ابن الأعرابىّ وحده فإنه قال: «الغدايا» جمع غديّة و «العشايا» جمع عشيّة ولم يكن يرى أن الغدايا ملحق بقولهم: «العشايا» وأنشد شاهدا لذلك:
ألا ليت حظّى من زيارة ميّة ... غديّات قيظ أو عشيّات أشتيه»
(¬٢) هو أحمد بن محمد بن عبد الله، أبو العبّاس اللّيثى المعروف ب ختن ليث روى القراءة عن أبى عمرو بن العلاء. روى القراءة عنه هارون بن حاتم التميمى. (غاية النهاية: ١/ ١٢١).
(¬٣) فى المعانى: ٢/ ١١٩ «وقرأ الحسن آمرنا وروى عنه أمِرنا ولا ندرى أيهما حفظت لنا عنه؛ لأنا لا نعرف معناها هاهنا».
(¬٤) فى اللسان والتاج عن ابن سيده: «وعسى أن تكون هذه لغة ثالثة».
(¬٥) سورة النساء: آية: ١١٩، والقراءة فى البحر المحيط: ٣/ ٣٥٤.