كتاب إعراب القراءات السبع وعللها ت العثيمين (اسم الجزء: 1)

ويقال: ما أسوده من السّؤدد لا من سواد اللّون، وما أحمره من البلادة كأنّه حمار لا من الحمرة.
وحدّثنى ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفرّاء (¬١): أنّ العرب تقول: امرأة مسودّة مبيضّة أى: تلد السّودان والبيضان قال الفرّاء: والاختيار امرأة موضحة إذا ولدت البيضان، وقال بعضهم: لا وجه لما فرق أبو عمرو بينهما؛ لأنّ الثانى وإن كان بمعنى أفعل منك فلا يمتنع من الإمالة كما لا يمتنع ب‍ {الَّذِي هُوَ أَدْنى} (¬٢).
قال أبو عبد الله: إنّما أراد أبو عمرو أن يفرّق بينهما لمّا اختلف معنياهما واجتمعا فى آية كما قرأ {وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ} (¬٣) بالياء يعنى الكفار {عَمّا تَعْمَلُونَ} بالتّاء، أى: أنتم وهم، ولو وقع مفردا لأجاز الإمالة والتّفخيم فى كليهما. وقال المبرّد فيه قولا رابعا: قال: معنى قوله: {فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى} لم يرد أعمى من كذا إنما يخبر أنّه كذلك.

١٩ - وقوله تعالى: {وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ} [٧٦].
قرأ حمزة والكسائىّ وابن عامر وحفص عن عاصم {خِلافَكَ}.
والباقون «خَلْفك» قال: وإنما اخترنا ذلك، لأنّ معناه: بعدك كما قال تعالى: {فَجَعَلْناها/نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها} (¬٤) أى: لما بعدها من الأمم، وليس هذا كقوله: {بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ} (¬٥) لأنّ الخلاف هناك مخالفة لرسول الله صلّى الله عليه وسلم.
---------------
(¬١) معانى القرآن: ١/ ١٢٨.
(¬٢) سورة البقرة: آية: ٦١.
(¬٣) سورة البقرة: آية: ٨٥.
(¬٤) سورة البقرة: آية: ٦٦.
(¬٥) سورة التوبة: آية: ٨١.

الصفحة 380