كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)
وأنقل الآن نصوصا عن شيخ الإسلام ابن تيمية يتضح فيها- إن شاء اللّه- رأى الإمام أحمد فى هذه المسألة:-
يقول ابن تيمية: وأما ما ذكره أحمد فى الإسلام، فاتبع فيه الزهرى حيث قال: فكانوا يرون الإسلام الكلمة، والإيمان العمل، فى حديث سعد بن أبى وقاص، وهذا على وجهين، فإنه قد يراد به الكلمة بتوابعها من الأعمال الظاهرة، وهذا هو الإسلام الّذي بينه النبي صلى اللّه عليه وسلم حيث قال:
«الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت». وقد يراد به الكلمة فقط من غير فعل الواجبات الظاهرة، وليس هذا هو الّذي جعله النبي صلى اللّه عليه وسلم الإسلام، لكن قد يقال إسلام الأعراب كان من هذا، فيقال: الأعراب وغيرهم كانوا إذا أسلموا على عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم ألزموا بالأعمال الظاهرة:
الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، ولم يكن أحد يترك بمجرد الكلمة، بل كان من أظهر المعصية يعاقب عليها. وأحمد إن كان أراد فى هذه الرواية أن الإسلام هو الشهادتان فقط، فكل من قالها فهو مسلم، فهذه إحدى الروايات عنه، والرواية الأخرى: لا يكون مسلما حتى يأتى بها ويصلى، فإذا لم يصل كان كافرا «1». والثالثة أنه كافر بترك الزكاة أيضا. والرابعة: أنه يكفر بترك الزكاة إذا قاتل الإمام عليها دون ما إذا لم يقاتله. وعنه أنه لو قال: أنا أؤديها ولا أدفعها إلى الإمام، لم يكن للإمام أن يقتله «2». وكذلك عنه رواية أن يكفر بترك الصيام «3» والحج، إذا عزم أنه لا يحج أبدا «4» ومعلوم أنه على كفر تارك المبانى يمتنع أن يكون الإسلام مجرد الكلمة، بل المراد أنه إذا أتى بالكلمة دخل فى الإسلام، وهذا صحيح، فإنه يشهد له بالإسلام ولا يشهد له بالإيمان الّذي فى القلب، ولا يستثنى فى هذا الإسلام، لأنه أمر مشهور، لكن الإسلام الّذي
___________
(1) انظر: قول الإمام أحمد فى تارك الصلاة ص: 2/ 36.
(2) انظر: قول الإمام أحمد فى مانع الزكاة ص: 2/ 48.
(3) انظر: قول الإمام أحمد فى تارك الصيام ص: 2/ 51.
(4) انظر: قول الإمام أحمد فى تارك المبانى الخمسة ص: 2/ 51، 52.