كتاب المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة (اسم الجزء: 1)

وقد تقدم ما احتج به الإمام أحمد وهى أدلة من قال بالفرق بينهما «1».
وممن قال بعدم الفرق بينهما: الإمام البخارى «2» ومحمد بن نصر المروزى «3» وابن مندة وغيرهم. وقد ساق ابن مندة الأدلة على هذا القول فى كتابه الإيمان إذ يقول:
ذكر الأخبار الدالة والبيان الواضح من الكتاب أن الإيمان والإسلام اسمان لمعنى واحد وأن الإيمان الّذي دعا اللّه العباد إليه وافترضه عليهم هو الإسلام ... فقال اللّه عز وجل: ورَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «4» وقال: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ «5» وقال فى قصة لوط: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ «6». «7» اه. هذه بعض الأدلة التى استدل بها من قال بالترادف.
وبالنظر إلى أدلة القائلين بالفرق نجد أن من أقواها قول اللّه تعالى: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ولكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وحديث سعد ابن أبى وقاص قال سعد: واللّه إنى لأراه مؤمنا فقال عليه الصلاة والسلام: «أو مسلما».
وقد أجاب القائلون بالترادف على الاستدلال بالآية: بأن الإسلام المقصود هنا ليس الإسلام الشرعى وإنما هو الاستسلام أو الخوف من القتل «8». إلا أن هذا التفسير لم يرتضه من قال بالفرق بينهما.
يقول شارح الطحاوية: ويشهد للفرق بين الإسلام والإيمان قوله تعالى:
قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ولكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا «9». وقد اعترض على
___________
(1) انظر أيضا: الإيمان لابن مندة: 1/ 311 - 318، شرح أصول اعتقاد أهل السنة: 4/- 814، مجموع الفتاوى: 7/ 472 - 478.
(2) انظر: فتح البارى: 1/ 79، 114.
(3) انظر: مجموع الفتاوى: 7/ 358 - 359، 368.
(4) سورة المائدة/ 3.
(5) سورة الأنعام/ 125.
(6) سورة الذاريات/ 36.
(7) انظر: الإيمان: 1/ 321.
(8) انظر: فتح البارى: 1/ 79، الإيمان لابن مندة: 1/ 322 - 323.
(9) سورة الحجرات/ 14.

الصفحة 114